٣١١- حدثنا ابنُ حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: ولهم بما هُمْ عليه من خلافك عذابٌ عظيم. قال: فهذا في الأحبار من يهود، فيما كذَّبوكِ به من الحق الذي جاءك من رّبك بعد معرفتهم (١).
* * *
القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٨) ﴾
قال أبو جعفر: أما قوله:"ومن الناس"، فإن في"الناس" وجهين:
أحدهما: أن يكون جمعًا لا واحدَ له من لَفْظِه، وإنما واحدهم"إنسانٌ"، وواحدتهم"إنسانة" (٢).
والوجه الآخر: أن يكون أصله"أُناس" أسقِطت الهمزة منها لكثرة الكلام بها، ثم دخلتها الألف واللام المعرِّفتان، فأدغِمت اللام - التي دخلت مع الألف فيها للتعريف - في النون، كما قيل في (لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي) [سورة الكهف: ٣٨]، على ما قد بينا في"اسم الله" الذي هو الله (٣). وقد زعم بعضهم أن"الناس" لغة غير"أناس"، وأنه سمع العرب تصغرهُ"نُوَيْس" من الناس، وأن الأصل لو كان أناس لقيل في التصغير: أُنَيس، فرُدَّ إلى أصله.
وأجمعَ جميع أهل التأويل على أنّ هذه الآية نزلت في قوم من أهلِ النِّفاق، وأن هذه الصِّفة صِفتُهم.

(١) الخبر ٣١١- هو تتمة الأخبار: ٢٩٥، ٢٩٩، ٣٠٧، ساقها السيوطي ١: ٢٩ مساقًا واحدًا، كما أشرنا من قبل. ولكنه حذف من آخره ما بعد قوله"فهذا في الأحبار من يهود". لعله ظنه من كلام الطبري. والسياق واضح أنه من تتمة الخبر.
(٢) في المطبوعة: "واحده إنسان، وواحدته إنسانة".
(٣) انظر ما مضى ص ١٢٥ - ١٢٦.


الصفحة التالية
Icon