القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) ﴾
أجمع أهل التأويل جميعًا -لا خلاف بينهم- على أن معنى قوله: (إنما نحن مستهزئون) : إنما نحن ساخرون. فمعنى الكلام إذًا: وإذا انصرف المنافقون خالين إلى مَرَدتهم من المنافقين والمشركين قالوا: إنا معكم عن ما أنتم عليه من التكذيب بمحمد ﷺ وبما جاء به، ومعاداتِه ومعاداة أتباعه، إنما نحن ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، بقيلنا لهم إذا لقيناهم: آمَنَّا بالله وباليوم الآخر (١) كما-:
٣٥٩- حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عُمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: قالوا: (إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)، ساخرون بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
٣٦٠- حدثنا ابن حُميد، قال: حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (إنما نحن مستهزئون)، أي: إنما نحن نستهزئ بالقوم ونلعبُ بهم.
٣٦١- حدثنا بشر بن مُعاذ العَقَدي، قال: حدثنا يزيد بن زُرَيع، عن سعيد، عن قتادة: (إنما نحن مستهزئون)، إنما نستهزئ بهؤلاء القوم ونَسخَر بهم.
٣٦٢- حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق بن الحجاج، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: (إنما نحن مستهزئون)، أي نستهزئ بأصحاب محمد ﷺ (٢).
* * *
(٢) هذه الآثار تتمة الآثار السالفة في تفسير أول الآية