القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلا الْفَاسِقِينَ (٢٦) ﴾
وتأويل ذلك ما:-
٥٦٨- حدثني به موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السُّدّيّ في خبر ذكره، عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس - وعن مُرَّة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:"وما يُضلّ به إلا الفاسقين"، هم المنافقون (١).
٥٦٩- وحدثنا بشر بن مُعاذ، قال: حدثنا يزيد، عن سعيد، عن قتادة:"وما يُضِلّ به إلا الفاسقين"، فسقوا فأضلَّهم الله على فِسقهم (٢).
٥٧٠- حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس:"وما يضل به إلا الفاسقين"، هم أهل النفاق (٣).
قال أبو جعفر: وأصلُ الفسق في كلام العرب: الخروجُ عن الشيء. يقال منه: فسقت الرُّطَبة إذا خرجت من قشرها. ومن ذلك سُمّيت الفأرةُ فُوَيْسِقة، لخروجها عن جُحرها (٤)، فكذلك المنافق والكافر سُمّيا فاسقيْن، لخروجهما عن طاعة ربهما. ولذلك قال جل ذكره في صفة إبليس: (إِلا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) [سورة الكهف: ٥٠]، يعني به خرج عن طاعته واتباع أمره.
٥٧١- كما حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق،

(١) الخبر ٥٦٨- تمام الأثر السالف، وقد ذكرنا موضعه.
(٢) الأثر: ٥٦٩- في ابن كثير ١: ١١٩، وفي الدر المنثور ١: ٤٢، والشوكاني ١: ٤٥، وفيهما مكان"على فسقهم"، "بفسقهم".
(٣) الأثر: ٥٧٠- في ابن كثير ١: ١١٩.
(٤) انظر الطبري ١٥: ١٧٠ (بولاق). وقوله: "يحكى عن العرب سماعًا: فسقت الرطبة من قشرها، إذا خرجت. وفسقت الفأرة إذا خرجت من جحرها"، وسائر ما قال هناك.


الصفحة التالية
Icon