القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾
قال أبو جعفر: اختلفوا في تأويل قوله:"ثم استوى إلى السَّماء".
فقال بعضهم: معنى استوى إلى السماء، أقبل عليها، كما تقول: كان فلان مقبلا على فلان، ثم استوَى عليّ يشاتمني - واستوَى إليّ يشاتمني. بمعنى: أقبل عليّ وإليّ يشاتمني. واستُشْهِد على أنّ الاستواء بمعنى الإقبال بقول الشاعر:
أَقُولُ وَقَدْ قَطَعْنَ بِنَا شَرَوْرَى | سَوَامِدَ، وَاسْتَوَيْنَ مِنَ الضَّجُوعِ (١) |
وقال بعضهم: لم يكن ذلك من الله جل ذكره بتحوُّل، ولكنه بمعنى فعله، كما تقول: كان الخليفة في أهل العراق يواليهم، ثم تحوَّل إلى الشام. إنما يريد:
(١) البيت لتميم بن أبي بن مقبل (معجم ما استعجم: ٧٩٥، ٨٥٧)، وروايته"ثواني" مكان"سوامد". وشرورى: جبل بين بني أسد وبني عامر، في طريق مكة إلى الكوفة. والضجوع -بفتح الضاد المعجمة-: موضع أيضًا بين بلاد هذيل وبني سليم. وقوله: "سوامد" جمع سامد. سمدت الإبل في سيرها: جدت وسارت سيرًا دائمًا، ولم تعرف الإعياء. وسوامد: دوائب لا يلحقهن كلال. والنون في"قطعن" للإبل.