مُعرَب إعرابَه، فيردّ "متدارك" عليه في إعرابه. ولكنه لما تقدّمه فعل مجحود بـ "لن" يدل على المعنى المطلوب في الكلام من المحذوف (١)، استغني بدلالة ما ظهر منه عن إظهار ما حُذِف، وعاملَ الكلامَ في المعنى والإعراب معاملته أن لو كان ما هو محذوف منه ظاهرًا (٢). لأن قوله:
أجدّك لن تَرَى بِثُعَيْلِبَات
بمعنى:"أجدّك لستَ بِرَاءٍ"، فردّ "متداركًا" على موضع"ترى"، كأنْ "لست" و"الباء" موجودتان في الكلام. فكذلك قوله:"وإذ قالَ رَبُّك"، لمّا سلف قبله تذكير الله المخاطبين به ما سلف قِبَلهم وقِبَل آبائهم من أياديه وآلائه، وكانَ قوله: "وإذ قال ربك للملائكة" مع ما بعده من النعم التي عدّدها عليهم ونبّههم على مواقعها - رَدّ "إذْ" على موضع" وكنتم أمواتًا فأحياكم". لأن معنى ذلك: اذكروا هذه من نعمي، وهذه التي قلت فيها للملائكة. فلما كانت الأولى مقتضية"إذ"، عطف بـ "إذ" على موضعها في الأولى (٣)، كما وصفنا من قول الشاعر في"ولا متدارك".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿لِلْمَلائِكَةِ﴾
قال أبو جعفر: والملائكة جمع مَلأكٍ (٤)، غيرَ أن أحدَهم (٥)، بغير الهمزة أكثرُ وأشهر في كلام العرب منه بالهمز، وذلك أنهم يقولون في واحدهم: مَلَك من

(١) في المطبوعة: "في الكلام، وعلى المحذوف"، لعله من تغيير المصححين. وأراد الطبري أن الفعل المجحود، يدل على المعنى المطلوب من المحذوف. وهذا بين.
(٢) في المخطوطة: "إذ لو كان ما هو محذوف منه ظاهر"، وهو خطأ.
(٣) في المطبوعة: "عطف"وإذ" على موضعها في الأولى"، وليس بشيء.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "جمع ملك"، وظاهر كلام الطبري يدل على صواب ما أثبتناه.
(٥) في المطبوعة: "غير أن واحدهم"، وهما سواء.


الصفحة التالية
Icon