وقال آخرون: إني خالق.
* ذكر من قال ذلك:
٥٩٨- حُدِّثت عن المنجاب بن الحارث، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، قال: كل شيء في القرآن"جَعَل"، فهو خلق (١).
قال أبو جعفر: والصواب في تأويل قوله:"إني جاعل في الأرض خليفة": أي مستخلف في الأرض خليفةً، ومُصَيِّر فيها خَلَفًا (٢). وذلك أشبه بتأويل قول الحسن وقتادة.
وقيل: إن الأرض التي ذكرها الله في هذه الآية هي"مكة".
* ذكر من قال ذلك:
٥٩٩- حدثنا ابن حميد قال: حدثنا جرير، عن عطاء، عن ابن سابط: أن النبي ﷺ قال: دُحِيت الأرضُ من مكة، وكانت الملائكة تطوفُ بالبيت، فهي أوّل من طاف به، وهي"الأرضُ" التي قال الله:"إني جاعلٌ في الأرض خليفة"، وكان النبيّ إذا هلك قومه، ونجا هو والصالحون، أتاها هو ومن معه فعبدوا الله بها حتى يموتوا. فإنّ قَبر نُوحٍ وهودٍ وصَالحٍ وشعَيْب، بين زَمزَم والرُّكن والمَقَام (٣).
* * *

(١) الأثر: ٥٩٨- نقله السيوطي ١: ٤٤ عن الطبري، ولكنه جعله من كلام الضحاك. وأبو روق يكثر رواية التفسير عن الضحاك. فلعل ذكر"الضحاك" سقط من الناسخين في بعض نسخ الطبري. وأيًّا ما كان فهذا الإسناد ضعيف. سبق بيان ضعفه: ١٣٧. ويزيده ضعفًا هنا جهالة الشيخ الذي رواه عنه الطبري عن المنجاب، في قوله"حدثت"، بتجهيل من حدثه.
(٢) في المخطوطة: "خلقًا"، بالقاف.
(٣) الحديث: ٥٩٩- نقل ابن كثير في التفسير ١: ١٢٧ معناه من تفسير ابن أبي حاتم: "حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الرحمن ابن سابط"، فذكره مرفوعا بنحوه مختصرًا. وقال ابن كثير: "وهذا مرسل، وفي سنده ضعف، وفيه مدرج، وهو أن المراد بالأرض مكة، والله أعلم - فإن الظاهر أن المراد بالأرض أعم من ذلك". أما إرساله: فإن"عبد الرحمن بن سابط": تابعي، وهو ثقة، ولكنه لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، بل لم يدرك كبار الصحابة، كعمر وسعد ومعاذ وغيرهم. ويقال إنه"عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط". واختلف في ذلك جدًّا، فلذلك ترجمه الحافظ لأبيه في الموضعين: "سابط"، أو"عبد الله بن سابط"، وفي الإصابة ٣: ٥١ - ٥٢، ٤: ٧٣. ونقله السيوطي ١: ٤٦، ونسبه للطبري وابن أبي حاتم وابن عساكر، مطولا كرواية الطبري، ونقله الشوكاني ١: ٥٠ مختصرًا، كرواية ابن أبي حاتم، ونقل تعليل ابن كثير إياه.
وفي المطبوعة"أتى هو ومن معه". وفي المخطوطة"فيعبدوا الله بها".


الصفحة التالية
Icon