يقال منه: لَبَست عليه هذا الأمر ألبِسُه لبسًا: إذا خلطته عليه (١). كما:-
٨٢٢ - حُدِّثت عن المنجاب، عن بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: (وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ) [سورة الأنعام: ٩] يقول: لخلطنا عليهم ما يخلطون (٢).
ومنه قول العجاج:

لَمَّا لَبَسْنَ الْحَقَّ بِالتَّجَنِّي غَنِينَ وَاسْتَبْدَلْنَ زَيْدًا مِنِّي (٣)
يعني بقوله:"لبسن"، خلطن. وأما اللُّبس فإنه يقال منه: لبِسْته ألبَسُه لُبْسًا ومَلْبَسًا، وذلك الكسوةُ يكتسيها فيلبسها (٤). ومن اللُّبس قول الأخطل:
لَقَدْ لَبِسْتُ لِهَذَا الدَّهْرِ أَعْصُرَهُ حَتَّى تَجَلَّلَ رَأْسِي الشَّيْبُ واشْتَعَلا (٥)
ومن اللبس قول الله جل ثناؤه: (وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ). [سورة الأنعام: ٩]
* * *
فإن قال لنا قائل (٦) وكيف كانوا يلبِسون الحق بالباطل وهم كفّار؟ وأيُّ حق كانوا عليه مع كفرهم بالله؟
قيل: إنه كان فيهم منافقون منهم يظهرون التصديق بمحمد ﷺ ويستبطنون الكفر به. وكان عُظْمُهم يقولون (٧) : محمد نبيٌّ مبعوث، إلا أنه
(١) في المطبوعة: "لبست عليهم الأمر... خلطته عليهم".
(٢) الخبر: ٨٢٢- لم أجده في مكان، ولم يذكره الطبري في مكانه من تفسير هذه الآية في سورة الأنعام (٧: ٩٨ بولاق).
(٣) ديوانه: ٦٥. غني عن الشيء واستغنى: اطرحه ورمى به من عينه ولم يلتفت إليه.
(٤) في المطبوعة: "وذلك في الكسوة... "، بالزيادة.
(٥) ديوانه: ١٤٢، وفيه"وقد لبست". وأعصر جمع عصر: وهو الدهر والزمان. وعني هنا اختلاف الأيام حلوها ومرها، فجمع. ولبس له أعصره: عاش وقاسى خيره وشره. وتجلل الشيب رأسه: علاه.
(٦) في المطبوعة: "إن قال... ".
(٧) في المطبوعة: "وكان أعظمهم... "، وهو تحريف قد مضى مثله مرارًا. وعظم الشيء: معظمه وأكثره.


الصفحة التالية
Icon