مصدرًا من معناه لا من لفظه. وذلك أن في قوله:"أقرض" معنى"قرض"، كما في معنى"أعطى""أخذ". فكان معنى الكلام: وقَرَضْتم الله قرضًا حسنًا، ونظير ذلك: (وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا) [سورة نوح: ١٧] إذ كان في"أنبتكم" معنى:"فنبتم"، وكما قال امرؤالقيس:
وَرُضْتُ فَذَلَّتْ صَعْبَةً أيَّ إِذْلالِ (١)
إذ كان في"رضت" معنى"أذللت"، فخرج"الإذلال" مصدرا من معناه لا من لفظه. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿لأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بذلك بني إسرائيل، يقول لهم جل ثناؤه: لئن أقمتم الصلاة، أيها القوم الذين أعطوني ميثاقَهم بالوفاء بطاعتي واتباع أمري، وآتيتم الزكاة، وفعلتم سائرَ ما وعدتكم عليه جنّتي="لأكفرن عنكم سيئاتكم"،
حَلَفْتُ لَهَا بِاللهِ حَلْفَةَ فَاجِرٍ | لَنَامُوا، فَمَا إنْ من حَدِيثٍ ولا صَالِي |
فَلَمَّا تَنَازَعْنَا الْحَدِيثَ وأَسْمَحَتْ، | هَصَرَتْ بُغِصْنٍ ذِي شَمَارِيخَ مَيَّالِ |
وَصِرْنَا إِلَى الحُسْنَى، وَرَقَّ كَلامُنَا | ورُضْتُ، فَذَلَّتْ صَعْبَةً أيَّ إِذْلالِ!! |
(٢) انظر ما سلف ٥: ٥٣٣، ٥٣٤. هذا وقد سلف في ٥: ٢٨٢، ٢٨٣، "يقرض الله قرضا حسنا"، فلم يستوف الكلام هناك. وهذا باب من أبواب اختصار أبي جعفر تفسيره.