أريد أن تبوء بإثمي" =وأما معنى:"وإثمك"، فهو إثمه بغير قتله، وذلك معصيته الله جل ثناؤه في أعمالٍ سِوَاه.
وإنما قلنا ذلك هو الصواب، لإجماع أهل التأويل عليه. لأن الله عز ذكره قد أخبرنا أن كل عامل فجزاءُ عمله له أو عليه. وإذا كان ذلك حكمه في خلقه، فغير جائز أن يكون آثام المقتول مأخوذًا بها القاتل، وإنما يؤخذ القاتل بإثمه بالقتل المحرم وسائر آثامِ معاصيه التي ارتكبها بنفسه، دون ما ركبَه قتيلُه.
* * *
فإن قال قائل: أو ليس قتلُ المقتول من بني آدم كان معصيةً لله من القاتل؟ قيل: بلى، وأعظِمْ بها معصية!
فإن قال: فإذا كان لله جل وعز معصيًة، فكيف جاز أن يُريد ذلك منه المقتول، ويقول:"إني أريد أن تبوء بإثمي"، وقد ذكرتَ أن تأويل ذلك، إني أريد أن تبوء بإثم قتلي؟ [قيل] معناه: (١) إني أريد أن تبوء بإثم قتلي إن قتلتني، لأني لا أقتلك، فإن أنت قتلتني، فإني مريد أن تبوء بإثم معصيتك الله في قتلك إياي. وهو إذا قتله، فهو لا محالة باءَ به في حكم الله، فإرادته ذلك غير موجبةٍ له الدخولَ في الخطأ.
* * *
ويعني بقوله:"فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين"، يقول: فتكون بقتلك إياي من سكان الجحيم، ووقود النار المخلدين فيها (٢) ="وذلك جزاء الظالمين"، يقول: والنار ثوابُ التاركين طريق الحق، الزائلين عن قصد
(٢) انظر تفسير"أصحاب النار" فيما سلف ٢: ٢٨٦/٤: ٣١٧/٥: ٤٢٩/ ٦: ١٤/ ٧: ١٣٣، ١٣٤.