القول في تأويل قوله عز ذكره: ﴿وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢) ﴾
قال أبو جعفر: وهذا قسم من الله جل ثناؤه أقسم به: أن رسله صلوات الله عليهم قد أتت بني إسرائيل الذين قصَّ الله قَصَصهم وذكر نبأهم في الآيات التي تقدَّمت، من قوله:"يا أيُّها الذين آمنوا اذكروا نعمةَ الله عليكم إذ همَّ قوم أن يبسُطوا إليكم أيديهم" إلى هذا الموضع="بالبينات"، يعني: بالآيات الواضحة والحجج البيِّنة على حقيقة ما أرسلوا به إليهم، (١) وصحة ما دعوهم إليه من الإيمان بهم، وأداء فرائضِ الله عليهم.
=يقول الله عز ذكره:"ثم إن كثيًرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون"، يعني: أن كثيرًا من بني إسرائيل.
* * *
=و"الهاء والميم" في قوله:"ثم إن كثيرًا منهم"، من ذكر بني إسرائيل، وكذلك ذلك في قوله:"ولقد جاءتهم".
* * *
="بعد ذلك"، يعني: بعد مجيء رسل الله بالبينات (٢).
="في الأرض لمسرفون"، يعني: أنهم في الأرض لعاملون بمعاصي الله، ومخالفون أمر الله ونهيه، ومحادُّو الله ورسله، باتباعهم أهواءَهم. وخلافهم على أنبيائهم، وذلك كان إسرافهم في الأرض. (٣)
* * *
(٢) انظر تفسير"البينات" فيما سلف ٩: ٣٦٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"الإسراف" فيما سلف ٧: ٢٧٢، ٥٧٩.