احتجاجًا عليهم لصحة نبوتك، وقطعًا لعذر قائلٍ منهم أن يقول:"ما جاءنا من بشير ولا نذير"=:"ليزيدن كثيرًا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانًا وكفرًا". يعني بـ"الطغيان": الغلو في إنكار ما قد علموا صحته من نبوة محمد ﷺ والتمادي في ذلك="وكفرًا"، يقول: ويزيدهم مع غلوِّهم في إنكار ذلك، جحودَهم عظمة الله ووصفهم إياه بغير صفته، بأن ينسبوه إلى البخل، ويقولوا:"يد الله مغلولة". وإنما أعلم تعالى ذكره نبيَّه ﷺ أنهم أهل عتوّ وتمرُّدٍ على ربهم، وأنهم لا يذعنون لحقّ وإن علموا صحته، ولكنهم يعاندونه، يسلِّي بذلك نبيه محمدًا ﷺ عن الموجِدة بهم في ذهابهم عن الله، وتكذيبهم إياه.
* * *
وقد بينت معنى"الطغيان" فيما مضى بشواهده، بما أغنى عن إعادته. (١)
* * *
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
١٢٢٤٩ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:"وليزيدن كثيرًا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانًا وكفرًا"، حملهم حسدُ محمد ﷺ والعرب على أن كفروا به، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم.
* * *

(١) انظر تفسير"الطغيان" فيما سلف ١: ٣٠٨، ٣٠٩/٥: ٤١٩.


الصفحة التالية
Icon