١٣٠٤٠ - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"وجعل الظلمات والنور"، قال: الظلمات ظلمة الليل، والنور نورُ النهار.
١٣٠٤١ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: أمّا قوله:"الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور"، فإنه خلق السَّماوات قبل الأرض، والظلمةَ قبل النور، والجنّة قَبل النار.
* * *
فإن قال قائل: فما معنى قوله إذًا:"جعل".
قيل: إن العرب تجعلها ظرفًا للخبرِ والفِعْل فتقول:"جعلت أفعل كذا"، و"جعلت أقوم وأقعد"، تدل بقولها"جعلت" على اتصال الفعل، كما تقول"علقت أفعل كذا" = لا أنها في نفسها فِعْلٌ. يدلُّ على ذلك قول القائل:"جعلت أقوم"، وأنه لا جَعْلَ هناك سوى القيام، وإنما دَلَّ بقوله:"جعلت" على اتّصال الفعل ودوامه، (١)
ومن ذلك قول الشاعر: (٢)
وَزَعَمْتَ أنَّكَ سَوْفَ تَسْلُكُ فَارِدًا... وَالمَوْتُ مُكْتَنِعٌ طَرِيقَيْ قَادِرِ
فَاجْعَلْ تَحَلَّلْ مِنْ يَمِينِكَ إنَّمَا... حِنْثٌ اليَمِينِ عَلَى الأثِيمِ الفَاجِرِ (٣)
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) لم أجد البيتين فيما بين يدي من الكتب، وإن كنت أذكر أني قرأتهما قبل، ثم لا أدري أين؟ وكان البيت الأول في المطبوعة: وَزَعَمْتَ أَنَّكَ سَوفَ تَسْلُك قادِرًا... وَالموتُ مُتَّسِعٌ طَرِيقي قادِرِ
وهو كلام صفر من المعنى. وكان في المخطوطة هكذا. وزعمتَ أنك سوف تسلك مال را... الموت ملسع طريقي قادرِ
ورجحت قراءته كما أثبته، وكما أتوهم أني أذكر من معنى الشعر، وأظنه من كلام شاعر يقوله لأخيه أو صاحبه، أراد أن ينفرد في طريقه وحلف ليفعلن ذلك، فسخر منه، وقال له ما قال. وقوله: "فارد"، أي منفردًا منقطعًا عن رفيقك وصاحبك. وقوله: "والموت مكتنع"، أي: دان قد أشرف عليك. يقال"كنع الموت واكتنع" دنا وقرب، قال: الراجز: وَاكْتَنَعَتْ أُمُّ اللُّهَيْمِ وَاكْتَنَعْ
و"أم اللهيم"، كنية الموت، لأنه يلتهم كل شيء.
هذا اجتهادي في تصحيح الشعر، حتى يوجد في مكان غيره.