القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٤) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم:"قل"، يا محمد، للذين يدعونك إلى اتخاذ الآلهة أولياء من دون الله، ويحثّونك على عبادتها: أغير الله فاطر السماوات والأرض، وهو يرزقني وغيري ولا يرزقه أحد، أتخذ وليًّا هو له عبد مملوك وخلق مخلوق؟ وقل لهم أيضًا: إني أمرني ربي:"أن أكون أول من أسلم" يقول: أوّل من خضع له بالعبودية، وتذلّل لأمره ونهيه، وانقاد له من أهل دهرِي وزماني ="ولا تكوننَّ من المشركين"، يقول: وقل: وقيل لي: لا تكونن من المشركين بالله، الذين يجعلون الآلهة والأنداد شركاء.
= وجعل قوله:"أمرت" بدلا من:"قيل لي"، لأن قوله"أمرت" معناه:"قيل لي". فكأنه قيل: قل إني قيل لي: كن أول من أسلم، ولا تكونن من المشركين= فاجتزئ بذكر"الأمر" من ذكر"القول"، إذ كان"الأمر"، معلومًا أنه"قول".
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل لهؤلاء المشركين العادلين بالله، الذين يدعونك إلى عبادة أوثانهم: إنّ ربي نهاني عن عبادة شيء سواه ="وإني أخاف إن عصيت ربي"، فعبدتها ="عذاب يوم عظيم"، يعني: عذاب يوم القيامة. ووصفه تعالى ب"العظم" لعظم هَوْله، وفظاعة شأنه.
* * *


الصفحة التالية
Icon