تعبد من كان هكذا، أم كيف لا تخلص العبادة، وتقرُّ لمن كان بيده الضر والنفع، والثواب والعقاب، وله القدرة الكاملة، والعزة الظاهرة؟
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨) ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"وهو"، نفسَه، يقول: والله الظاهر فوق عباده (١) = ويعني بقوله:"القاهر"، المذلِّل المستعبد خلقه، العالي عليهم. وإنما قال:"فوق عباده"، لأنه وصف نفسه تعالى ذكره بقهره إياهم. ومن صفة كلّ قاهر شيئًا أن يكون مستعليًا عليه.
فمعنى الكلام إذًا: والله الغالب عبادَه، المذلِّلهم، العالي عليهم بتذليله لهم، وخلقه إياهم، فهو فوقهم بقهره إياهم، وهم دونه ="وهو الحكيم"، يقول: والله الحكيم في علِّوه على عباده، وقهره إياهم بقدرته، وفي سائر تدبيره (٢) ="الخبير"، بمصالح الأشياء ومضارِّها، الذي لا يخفي عليه عواقب الأمور وبواديها، ولا يقع في تدبيره خلل، ولا يدخل حكمه دَخَل. (٣)
* * *

(١) في المطبوعة: "والله القاهر"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو الصواب في التفسير.
(٢) انظر تفسير"الحكيم" فيما سلف من فهارس اللغة (حكم).
(٣) انظر تفسير (الخبير" فيما سلف من فهارس اللغة (خبر).


الصفحة التالية
Icon