كذلك، لا شك في صحة إعرابه. ومعناه في ذلك: أن تأويله إذا قرئ كذلك: لو أنّا رددنا إلى الدنيا ما كذَّبنا بآيات ربِّنا، ولكُنَّا من المؤمنين. فإن يكن الذي حَكَى من حكى عن العرب من السماع منهم الجوابَ بالواو، و"ثم" كهيئة الجواب بالفاء، صحيحًا، فلا شك في صحّة قراءة من قرأ ذلك: يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ نصبًا على جواب التمني بالواو، على تأويل قراءة عبد الله ذلك بالفاء. وإلا فإن القراءة بذلك بعيدةُ المعنى من تأويل التنزيل. ولستُ أعلم سماعَ ذلك من العرب صحيحًا، بل المعروف من كلامها: الجوابُ بالفاء، والصرفُ بالواو.
* * *
القول في تأويل قوله: ﴿بَلْ بَدَا لَهُمْ مَا كَانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ما بهؤلاء العادلين بربهم، (١) الجاحدين نبوتك، يا محمد، في قيلهم إذا وقفوا على النار:"يا ليتنا نردُّ ولا نكذب بأيات ربنا ونكون من المؤمنين" = الأسَى والندمُ على ترك الإيمان بالله والتصديق بك، (٢) لكن بهم الإشفاق مما هو نازلٌ بهم من عقاب الله وأليم عذابه، على معاصيهم التي كانوا يخفونها عن أعين الناس ويسترونها منهم، فأبداها الله منهم يوم القيامة وأظهرها على رؤوس الأشهاد، ففضحهم بها، ثم جازاهم بها جزاءَهم.
يقول: بل بدا لهم ما كانوا يخفون من أعمالهم السيئة التي كانوا يخفونها"من قبل ذلك في الدنيا، فظهرت ="ولو رُدُّوا"، يقول: ولو ردّوا إلى الدنيا فأمْهلوا

(١) في المطبوعة: "ما قصد هؤلاء"، وهو لا شيء ولكن حمله عليه أنه في المخطوطة"ما هؤلاء العادلين"، واستظهرت الصواب من قوله بعد: "لكن بهم الإشفاق".
(٢) السياق: "ما بهؤلاء العادلين بربهم... الأسى والندم...".


الصفحة التالية
Icon