ذلك = لا على وجه الجواب، إذ لم يكن قوله:"قل من أنزل الكتاب" مسألة من المشركين لمحمد صلى الله عليه وسلم، فيكون قوله:"قل الله"، جوابًا لهم عن مسألتهم، وإنما هو أمرٌ من الله لمحمد بمسألة القوم:"من أنزل الكتاب"؟ فيجب أن يكون الجواب منهم غير الذي قاله ابن عباس من تأويله = كان جائزًا، (١) من أجل أنه استفهام، ولا يكون للاستفهام جوابٌ، وهو الذي اخترنا من القول في ذلك لما بينا.
* * *
وأما قوله:"ثم ذرهم في خوضهم يلعبون"، فإنه يقول لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ثم ذَرْ هؤلاء المشركين العادلين بربهم الأوثان والأصنام، (٢) بعد احتجاجك عليهم في قيلهم:"ما أنزل الله على بشر من شيء"، بقولك:"من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى نورًا وهدى للناس"، وإجابتك ذلك بأن الذي أنزله: الله الذي أنزل عليك كتابه ="في خوضهم"، يعني: فيما يخوضون فيه من باطلهم وكفرهم بالله وآياته (٣) ="يلعبون"، يقول: يستهزئون ويسخرون. (٤)
* * *
وهذا من الله وعيد لهؤلاء المشركين وتهدُّد لهم: يقول الله جل ثناؤه: ثم دعهم لاعبين، يا محمد. فإني من وراء ما هم فيه من استهزائهم بآياتي بالمرصاد، وأذيقهم بأسي، وأحلّ بهم إن تمادوا في غَيِّهم سَخَطي. (٥)
* * *

(١) قوله: "كان جائزًا"، جواب قوله آنفًا"ولو قيل: معناه..."، وما بينهما فصل.
(٢) انظر تفسير"ذر" فيما سلف ص: ٤٤١، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٣) انظر تفسير"الخوض" فيما سلف ٩: ٣٢٠/١١: ٤٣٦.
(٤) انظر تفسير"اللعب" فيما سلف ص: ٤٤١، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٥) في المطبوعة: "وتهديد لهم"، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب محض، ولكن الناشر غيره في جميع المواضع السالفة، فجعله"تهديد"، ولا أدري لم؟


الصفحة التالية
Icon