صلى الله عليه وسلم، فقلت: أعطني هذا السيف يا رسول الله! فسكت، فنزلت: "يسئلونك عن الأنفال"، إلى قوله: "إن كنتم مؤمنين"، قال: فأعطانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. (١)
* * *
وقال آخرون: بل نزلت: لأن أصحاب رسول الله ﷺ سألوا قسمة الغنيمة بينهم يوم بدر، فأعلمهم الله أنّ ذلك لله ولرسوله دونهم، ليس لهم فيه شيء. وقالوا: معنى "عن" في هذا الموضع "من"، (٢) وإنما معنى الكلام: يسألونك من الأنفال. وقالوا: قد كان ابن مسعود يقرؤه: "يَسْأَلُونَكَ الأنْفَالَ" على هذا التأويل.
* ذكر من قال ذلك:

(١) الأثر: ١٥٦٦٤ - " إسرائيل "، هو " إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي " مضى مرارًا كثيرة.
و" إبراهيم بن المهاجر بن جابر البجلي "، ثقة، متكلم فيه، مضى برقم: ١٢٩١ في نحو هذا الإسناد.
و" مجاهد " هو " مجاهد بن جبر المكي المخزومي "، الإمام الثقة، روى عن سعد بن أبي وقاص وغيره من الصحابة.
فهذا خبر صحيح الإسناد من إسرائيل، إلى مجاهد.
أما " الحارث "، فهو " الحارث بن أبي أسامة "، وهو ثقة، مضى برقم: ١٠٢٩٥، وغيره.
وأما " عبد العزيز "، فهو " عبد العزيز بن أبان الأموي "، من ولد " سعيد بن العاص ابن أمية "، وهو كذاب خبيث يضع الأحاديث. مضى برقم: ١٠٢٩٥، وغيره، راجع فهارس الرجال.
فمن هذا ضعف إسناده، حتى أجد له رواية عن غير الكذاب، كما قاله أهل الجرح والتعديل. هذا، وقد جاء في هذا الخبر ذكر " سعيد بن العاص بن أمية "، مبينًا، وكنت قلت في التعليق على رقم: ١٥٦٥٩ أن " سعيد بن العاص بن أمية " مات مشركًا قبل يوم بدر، فلذلك لم يصح عندنا قوله في ذلك الخبر " قتلت سعيد بن العاص ". أما في هذا الخبر، فإنه مستقيم، لأنه قال: " أخذت سيف سعيد بن العاص "، فسيفه بلا ريب كان مشهورًا معروفًا عند سعد بن أبي وقاص، وكان عند ولده المقتول ببدر " العاص بن سعيد بن العاص "، وظاهر أنه كان معه يقاتل به يوم بدر فقتل وهو معه، فأخذه سعد بن أبي وقاص. ومع ذلك يظل أمر الاختلاف في قتل " العاص ابن سعيد بن العاص " قائمًا كما هو، أقتله على بن أبي طالب، كما قال أصحاب السير والمغازي، أم قتله سعد بن أبي وقاص، كما دل عليه الخبر الصحيح عنه. راجع التعليق على رقم: ١٥٦٥٩. وانظر الروض الأنف ٢: ١٠٢، ١٠٣ وذكر هذا الاختلاف.
(٢) انظر " عن " بمعنى " من " فيما سلف ١: ٤٤٦، تعليق: ٦.


الصفحة التالية
Icon