١٥٦٧٥ - حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا شريك، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة= أو: عكرمة وعامر= قالا نسخت الأنفال: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ).
* * *
وقال آخرون: هي محكمة، وليست منسوخة. وإنما معنى ذلك: "قل الأنفال لله"، وهي لا شك لله مع الدنيا بما فيها والآخرة= وللرسول، يضعها في مواضعها التي أمره الله بوضعها فيه.
* ذكر من قال ذلك:
١٥٦٧٦- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: "يسألونك عن الأنفال"، فقرأ حتى بلغ: "إن كنتم مؤمنين"، فسلَّموا لله ولرسوله يحكمان فيها بما شاءا، ويضعانها حيث أرادا، فقالوا: نعم! ثم جاء بعد الأربعين: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) الآية [سورة الأنفال: ٤١]، ولكم أربعة أخماس. وقال النبي ﷺ يوم خيبر: "وهذا الخمس مردود على فقرائكم"، يصنع الله ورسوله في ذلك الخمس ما أحبَّا، ويضعانه حيث أحبَّا، ثم أخبرنا الله بالذي يجب من ذلك. ثم قرأ الآية: (وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) [سورة الحشر: ٧].
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله جل ثناؤه أخبر أنه جعل الأنفال لنبيه صلى الله عليه وسلم، يُنفِّل من شاء، فنفّل القاتل السَّلَب، وجعل للجيش في البَدْأة الربع، وفي الرجعة الثلث بعد الخمس. (١) ونفَّل

(١) " البدأة "، ابتداء سفر الغزو، " الرجعة " القفول منه. وكان إذا نهضت سرية من جملة العسكر المقبل على العدو، فأوقعت بطانته من العدو، فما غنموا كان لهم الربع، ويشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباع ما غنموا. وإذا فعلت ذلك عند عود العسكر، كان لهم من جميع ما غنموا الثلث، لأن الكرة الثانية أشق عليهم، والخطر فيها أعظم. وذلك لقوة الظهر عند دخولهم، وضعفه عند خروجهم. وهم في الأول أنشط وأشهي للسير والإمعان في بلاد العدو، وهم عند القفول أضعف وأفتر وأشهي للرجوع إلى أوطانهم، فزادهم لذلك.


الصفحة التالية
Icon