قوله: (يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون)، قال: هؤلاء المشركون، جادلوه في الحق (١) = "كأنما يساقون إلى الموت"، حين يدعون إلى الإسلام= (وهم ينظرون)، قال: وليس هذا من صفة الآخرين، هذه صفة مبتدأة لأهل الكفر.
١٥٧١٥- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا يعقوب بن محمد قال، حدثني عبد العزيز بن محمد، عن ابن أخي الزهري، عن عمه قال: كان رجل من أصحاب رسول الله ﷺ يفسر: (كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون)، خروجَ رسول الله ﷺ إلى العِير. (٢)
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك ما قاله ابن عباس وابن إسحاق، من أن ذلك خبرٌ من الله عن فريق من المؤمنين أنهم كرهوا لقاء العدو، وكان جدالهم نبيَّ الله ﷺ أن قالوا: "لم يُعلمنا أنا نلقى العدو فنستعد لقتالهم، وإنما خرجنا للعير". ومما يدلّ على صحته قولُه (٣) (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ)، ففي ذلك الدليلُ الواضح لمن فهم عن الله، أن القوم قد كانوا للشوكة كارهين، وأن جدالهم كان في القتال، كما قال مجاهد، كراهيةً منهم له= وأنْ لا معنى لما قال ابن زيد، لأن الذي قبل قوله: (يجادلونك في الحق)، خبرٌ عن أهل الإيمان، والذي يتلوه

(١) في المطبوعة: " جادلوك "، وأثبت الصواب الجيد من المخطوطة.
(٢) الأثر: ١٥٧١٥ - " يعقوب بن محمد الزهري "، مضى قريبًا برقم ١٥٦٥٤، وهو يروي عن ابن أخي الزهري مباشرة، ولكنه روى عنه هنا بالواسطة.
و" عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي " ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ١٠٦٧٦.
و" ابن أخي الزهري "، هو " محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري "، ثقة، متكلم فيه، روى له الجماعة. يروي عن عمه " ابن شهاب الزهري ".
(٣) في المطبوعة والمخطوطة: " على صحة قوله "، والصواب ما أثبت.


الصفحة التالية
Icon