القائل: "طاف بهم أمر الله يطوف طُوفَانًا"، كما يقال: " نقص هذا الشيء ينقُص نُقْصَانًا ". وإذا كان ذلك كذلك، جاز أن يكون الذي طاف بهم المطر الشديد = وجاز أن يكون الموتَ الذريعَ. ومن الدلالة على أن المطر الشديد قد يسمى "طوفانًا" قول حُسَيل بن عُرْفطة (١)
غَيَّر الجِدَّةُ مِنْ آيَاتِهَا خُرُقُ الرِّيحِ وَطُوفَانُ المَطَرْ (٢)
ويروى:
خُرُقُ الرِّيحِ بِطُوفَان المَطَرْ
وقول الراعي:
تُضْحِي إذَا العِيسُ أَدْرَكْنَا نَكَائِثَهَا خَرْقَاءَ يَعْتَادُهَا الطُّوفَانُ والزُّؤُدُ (٣)
وقول أبي النجم:

(١) في المطبوعة والمخطوطة: ((الحسن بن عرفطة))، وهو خطأ، وقال أبو حاتم ((حسين بن عرفطة))، هو خطأ. انظر نوادر أبي زيد ٧٥، ٧٧، وهو ((حسيل بن عرفطة الأسدى)) شاعر جاهلي.
(٢) نوادر أبي زيد: ٧٧، الوساطة: ٣٢٩، اللسان (طوف)، وقبله:
لَمْ يَكُ الحًقُّ عَلَى أَنْ هَاجَهُ رَسْمُ دَارٍ قَدْ تَعَفَّى بِالسِّرَرْ
قال أبو حاتم ((بالسرر)) بفتح السين والراء. و ((الخرق)) : القطع من الريح، واحدتها ((خرقة)). و ((طوفان المطر))، كثرته. وروى الأصمعى ((خرق)) (يعني بضم الخاء والراء). هذا نص ما في نوادر أبي زيد. و ((خرق)) (بضمتين) جمع ((خريق))، وهي الريح الشديدة الهبوب التي تخترق المواضع.
(٣) اللسان (نكث) (زأد)، ولعلها من شعره الذي مدح به عبد الله بن معاوية بن أبي سفيان (انظر خزانة الادب ٣: ٢٨٨) و ((النكائث)) جمع ((نكيثة))، وهي جهد قوة النفس. يقال: ((فلآن شديد النكيثة)) أي النفس. ويقال: ((بلغت نكيثته)) (بالبناء للمجهول) أي: جهد نفسه. و ((بلغ فلآن نكيثة بعيره)) أي: أقصي مجهوده في السير. و ((الزؤد)) (بضم الهمزة وسكونها) : الفزع والخوف. و ((خرقاء)) من صفة الناقة. وهي التي لا تتعهد مواضع قوائمها من نشاطها. يصفها بالحدة كأنها مجنونة، إذا كلت العيس، بقيت قوتها وفضل نشاطها.


الصفحة التالية
Icon