الشجرة من ذي الحليفة، أتبعه بعليّ فأخذها منه. فرجع أبو بكر إلى النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أنزل في شأني شيء؟ قال: لا ولكن لا يبلِّغ عني غيري، أو رجل مني، أما ترضى يا أبا بكر أنك كنت معي في الغار، وأنك صاحبي على الحوض؟ قال: بلى، يا رسول الله! فسار أبو بكر على الحاجّ، وعلي يؤذن ببراءة، فقام يوم الأضحى فقال: لا يقربنَّ المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا، ولا يطوفنّ بالبيت عريان، ومن كان بينه وبين رسول الله ﷺ عهد فله عهده إلى مدته، وإن هذه أيام أكل وشرب، وإن الله لا يدخل الجنة إلا من كان مسلما. فقالوا: نحن نبرأ من عهدك وعهد ابن عمك إلا من الطعن والضرب! فرجع المشركون، فلام بعضهم بعضًا وقالوا: ما تصنعون، وقد أسلمت قريش؟ فأسلموا.
١٦٣٧٩- حدثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع، عن علي قال: أمرت بأربع: أن لا يقربَ البيتَ بعد العام مشرك، ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وأن يتم إلى كل ذي عهد عهده = قال معمر: وقاله قتادة. (١)
* * *
قال أبو جعفر: فقد أنبأت هذه الأخبار ونظائرها عن صحة ما قلنا، وأن أجل الأشهر الأربعة إنما كان لمن وصفنا. فأما من كان عهده إلى مدة معلومة، فلم يجعل لرسول الله ﷺ وللمؤمنين لنَقْضِه ومظاهرة أعدائهم عليهم سبيلا فإن رسول الله ﷺ قد وَفَى له بعهده إلى مدته، عن أمر الله إياه بذلك. وعلى ذلك دلّ ظاهرُ التنزيل، وتظاهرت به الأخبار عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما الأشهر الأربعة، فإنها كانت أجلَ من ذكرنا. وكان ابتداؤها يوم

(١) الأثر: ١٦٣٧٩ - انظر التعليق على الأثرين رقم: ١٦٣٧٢، ١٦٣٧٣.


الصفحة التالية
Icon