* ذكر من قال ذلك:
١٦٥٠٩- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إلا)، قال: عهدًا.
١٦٥١٠- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة)، قال: لا يرقبوا فيكم عهدًا ولا ذمة. قال: إحداهما من صاحبتها كهيئة "غفور"، "رحيم"، قال: فالكلمة واحدة، وهي تفترق. قال: والعهد هو "الذمة".
١٦٥١١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبيه، عن خصيف، عن مجاهد (ولا ذمة)، قال: العهد.
١٦٥١٢- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا قيس، عن خصيف، عن مجاهد: (ولا ذمة)، قال: "الذمة"، العهد.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء المشركين الذين أمر نبيَّه والمؤمنين بقتلهم بعد انسلاخ الأشهر الحرم، وحصرهم والقعود لهم على كل مرصد: أنهم لو ظهروا على المؤمنين لم يرقبوا فيهم "إلا".
و"الإلّ": اسم يشتمل على معان ثلاثة: وهي العهد، والعقد، والحلف، والقرابة، وهو أيضا بمعنى "الله". فإذْ كانت الكلمة تشمل هذه المعاني الثلاثة، ولم يكن الله خصّ من ذلك معنى دون معنى، فالصواب أن يُعَمّ ذلك كما عمّ بها جل ثناؤه معانيها الثلاثة، فيقال: لا يرقبون في مؤمنٍ اللهَ، ولا قرابةً، ولا عهدًا، ولا ميثاقًا.
ومن الدلالة على أنه يكون بمعنى "القرابة" قول ابن مقبل:
أَفْسَدَ النَّاسَ خُلُوفٌ خَلَفُوا | قَطَعُوا الإلَّ وَأَعْرَاقَ الرَّحِمْ (١) |
و" خلوف " جمع " خلف " (بفتح فسكون)، وهو بقية السوء والأشرار تخلف من سبقها. وفي المخطوطة: " أخلفوا " بالألف، والصواب ما في المطبوعة. و " الأعراق " جمع " عرق " وعرق كل شيء: أصله الذي منه ثبت. ويقال منه: " تداركه أعراق خير، وأعراق شر ".