١٧٠١٩- حدثنا يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: (الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات)، إلى قوله: (ولهم عذاب أليم)، قال: أمر النبي عليه الصلاة والسلام المسلمين أن يتصدّقوا، فقام عمر بن الخطاب: فألفَى ذلك مالي وافرًا، فآخذ نصفه. (١)
قال: فجئت أحمل مالا كثيرًا. فقال له رجل من المنافقين: ترائِي يا عمر! فقال: نعم، أرائي الله ورسوله، (٢) وأما غيرهما فلا! قال: ورجلٌ من الأنصار لم يكن عنده شيء، فواجَرَ نفسه ليجرّ الجرير على رقبته بصاعين ليلته، (٣) فترك صاعًا لعياله، وجاء بصاع يحمله، فقال له بعض المنافقين: إن الله ورسوله عن صاعك لغنيَّان! فذلك قول الله تبارك وتعالى: (الذين يلمزون المطوّعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم)، هذا الأنصاري = (فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم).
* * *
وقد بينا معنى "اللمز" في كلام العرب بشواهده وما فيه من اللغة والقراءة فيما مضى. (٤)
* * *
وأما قوله: (المطوّعين)، فإن معناه: المتطوعين، أدغمت التاء في
(٢) في المطبوعة: " فقال عمر: أراني الله... ، وفي المخطوطة: " فقال نعم: إن الله ورسوله "، لم يحسن كتابتها، وأثبت الصواب من الدر المنثور ٣: ٢٦٣.
(٣) في المطبوعة: "فآجر نفسه"، وهي الصواب المحض، من قولهم: " أجر المملوك يأجره أجرًا، فهو مأجور" و "آجره إيجارًا، ومؤاجرة". وأما ما أثبته عن المخطوطة، فليس بفصيح، وإنما هو قياس ضعيف على قولهم في: "آمرته"، "وأمرته"، وقولهم في "آكله"، "وأكله" على البدل، وذلك كله ليس بفصيح ولا مرضي. وإنما أثبتها لوضوحها في المخطوطة، ولأنه من الكلام الذي يقال مثله.
(٤) انظر تفسير "اللمز" فيما سلف ص: ٣٠٠، ٣٠١، ٣٨٢.