وقيل: معنى قوله: (من أول يوم)، مبدأ أول يوم كما تقول العرب: "لم أره من يوم كذا"، بمعنى: مبدؤه = و"من أول يوم"، يراد به: من أول الأيام، كقول القائل: "لقيت كلَّ رجل"، بمعنى كل الرجال.
* * *
واختلف أهل التأويل في المسجد الذي عناه بقوله: (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم).
فقال بعضهم: هو مسجد رسول الله ﷺ الذي فيه منبره وقبره اليوم.
* * *
* ذكر من قال ذلك:
١٧٢٠١- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو معاوية، عن إبراهيم بن طهمان، عن عثمان بن عبيد الله قال: أرسلني محمد بن أبي هريرة إلى ابن عمر، أسأله عن المسجد الذي أسس على التقوى، أيّ مسجد هو؟ مسجد المدينة، أو مسجد قباء؟ قال: لا مسجد المدينة. (١)
١٧٢٠٢-...... قال، حدثنا القاسم بن عمرو العنقزي، عن الدراوردي، عن عثمان بن عبيد الله، عن ابن عمر، وزيد بن ثابت، وأبي سعيد قالوا: المسجد الذي أسس على التقوى، مسجد الرسول. (٢)
و" عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع "، مولى سعيد بن العاص. رأى أبا هريرة، وأبا قتادة، وابن عمر، وأبا أسيد، يضفرون لحاهم. مترجم في ابن أبي حاتم ٣ / ١ / ١٥٦. وسيأتي في الأثرين التاليين رقم: ١٧٢٠٢، ١٧٢٠٣.
وأما قوله: " أرسلني محمد بن أبي هريرة "، فإني أرتاب فيه كل الارتياب، وأرجح أنه: " محرر بن أبي هريرة "، ولم أجد لأبي هريرة ولد يقال له " محمد "، بل ولده هم " المحرر بن هريرة "، و " وعبد الرحمن بن أبي هريرة "، و " بلال بن أبي هريرة ". ومضى " المحرر بن أبي هريرة " برقم: ٢٨٦٣، ١٦٣٦٨ - ١٦٣٧٠.
(٢) الأثر: ١٧٢٠٢ - " القاسم بن عمرو بن محمد العنقزي "، مولى قريش، سمع أباه. مترجم في الكبير ٤ / ١ / ١٧٢، وابن أبي حاتم ٣ / ٢ / ١١٥، ولم يذكرا فيه جرحا.
" الدراوردي "، هو " عبد العزيز بن محمد بن عبيد الدراوردي "، ثقة، روى له الجماعة، مضى برقم: ١٠٦٧٦، ١٥٧١٤.
و" عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع "، مضى في الأثر السالف.