والثلاثة الذين خلفوا: رَهْطٌ منهم: كعب بن مالك، وهو أحد بني سَلِمة، ومرارة بن ربيعة، وهو أحد بني عمرو بن عوف، وهلال بن أمية، وهو من بني واقف، وكانوا تخلفوا عن رسول الله ﷺ في تلك الغزوة في بضعة وثمانين رجلا. فلما رجع رسول الله ﷺ إلى المدينة، صَدَقه أولئك حديثهم، واعترفوا بذنوبهم، وكذب سائرهم، فحلفوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حبسهم إلا العذر، فقبل منهم رسول الله وبايعهم، ووكَلَهم في سرائرهم إلى الله، ونهى رسول الله ﷺ عن كلام الذين خُلِّفوا، وقال لهم حين حدَّثوه حديثهم واعترفوا بذنوبهم: قد صدقتم، فقوموا حتى يقضى الله فيكم. فلما أنزل الله القرآن، تاب على الثلاثة، وقال للآخرين: (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم)، حتى بلغ: (لا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) [سورة التوبة: ٩٥، ٩٦].
= قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك: أن عبد الله بن كعب بن مالك = وكان قائد كعبٍ من بنيه حين عَمي = قال: سمعت كعب بن مالك يحدِّث حديثه حين تخلف عن رسول الله ﷺ في غزوة تبوك. قال كعب: لم أتخلَّف عن رسول الله ﷺ في غزوة غزاها قط، إلا في غزوة تبوك، غير أني قد تخلفت في غزوة بدر، ولم يعاتبْ أحدًا تخلف عنها، إنما خرج رسول الله ﷺ والمسلمون يريدون عِيرَ قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوّهم على غير ميعاد. ولقد شهدتُ مع رسول الله ﷺ ليلة العقبة، حين تواثقنا على الإسلام، وما أحبُّ أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكرَ في الناس منها. (١)
= فكان من خبري حين تخلفت عن النبي ﷺ في غزوة تبوك،