له، حتى جاءني، فدفع إليَّ كتابًا من ملك غسان، وكنت كاتبًا، فقرأته، فإذا فيه: "أما بعدُ، فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هَوَانٍ ولا مَضْيَعةٍ، فالحق بنا نُوَاسِك".
= قال: فقلت حين قرأته: وهذا أيضًا من البلاء!! فتأمَّمتُ به التنُّور فسجرته به. (١) حتى إذا مضت أربعون من الخمسين، واستلبث الوحي، (٢) إذا رسولُ رسولِ الله ﷺ يأتيني فقال: إن رسول الله ﷺ يأمرك أن تعتزل امرأتك. قال فقلت: أطلِّقها، أم ماذا أفعل؟ قال: لا بل اعتزلها فلا تقربها. قال: وأرسل إلى صاحبي بذلك. قال: فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر. (٣)
= قال: فجاءت امرأة هلالٍ رسولَ الله ﷺ فقالت: يا رسول الله، إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادمٌ، فهل تكره أن أخدُمَه؟ فقال: لا ولكن لا يقرَبَنْكِ! قالت فقلت: إنه والله ما به حركة إلى شيء! ووالله
ثم انظر تفسير " الأم " و " التأمم " في تفسير أبي جعفر فيما سلف ٥: ٥٥٨ / ٨: ٤٠٧ / ٩: ٤٧١.
وفي المطبوعة: " فتأممت به "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو مطابق لما في مسلم والبخاري، إلا أن في مسلم " فسجرتها بها "، وفي البخاري: " فسجرته بها ". وأنث " بها "، إرادة لمعنى الصحيفة، وهي الكتاب، ثم رجع بالضمير إلى " الكتاب ".
" والتنور "، الكانون الذي يخبز فيه.
و" سجر التنور "، أوقده وأحماه وأشبع وقوده، وأراد: أنه زاد التنور التهابا، بإلقائه الصحيفة في ناره. وهذا كلام معجب، أراد به أن يسخر من رسالة ملك غسان إليه.
(٢) " استلبث "، أي: أبطأ وتأخر.
(٣) في المطبوعة: " تكوني عندهم "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو مطابق لما في صحيح مسلم. وفي البخاري بغير هذا الإسناد: " فتكوني ".