= من قولهم: "غُمَّ على الناس الهلال"، وذلك إذا أشكل عليهم فلم يتبيَّنوه، ومنه قول [العجاج] :(١)

بَلْ لَوْ شَهِدْتِ النَّاسَ إِذْ تُكُمُّوا بِغُمّةٍ لَوْ لَمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا (٢)
وقيل: إن ذلك من "الغم"، لأن الصدر يضيق به، ولا يتبين صاحبه لأمره مَصدرًا يَصْدُرُه يتفرَّج عليه ما بقلبه، (٣) ومنه قول خنساء:
وَذِي كُرْبَةٍ رَاخَى ابْنُ عَمْرٍو خِنَاقَه وَغُمَّتَهُ عَنْ وَجْهِهِ فَتَجَلَّتِ (٤)
* * *
وكان قتادة يقول في ذلك ما:
١٧٧٦١- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (أمركم عليكم غمة)، قال: لا يكبر عليكم أمركم.
* * *
وأما قوله: (ثم اقضوا إليّ)، فإن معناه: ثم امضوا إليّ ما في أنفسكم وافرغوا منه، كما:-
١٧٧٦٢- حدثني محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ثم اقضوا إليّ ولا تنظرون)، قال: اقضوا إليّ ما كنتم قاضين.
١٧٧٦٣- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (ثم اقضوا إليّ ولا تنظرون)، قال: اقضوا إليّ ما في أنفسكم.
(١) في المطبوعة والمخطوطة: " ومنه قول رؤبة "، وأنا أرجح أنه خطأ من الناسخ، فلذلك وضعته بين القوسين، وإنما نقل هذا أبو جعفر من مجاز القرآن لأبي عبيدة، وهو فيه على الصواب " العجاج ".
(٢) ديوانه: ٦٣، واللسان (غمم)، (كمم)، وغيرها. أول رجز له طويل في ديوانه، ذكر فيه مسعود بن عمرو العتكي، وما أصابه وقومه من تميم رهط العجاج، وسلف بيان ذلك ١٣: ٧٥، تعليق: ٢، في شرح بيت من هذا الرجز. وقوله: " تكموا " من قوله: " تكممه "، أي غطاه وغشاه، ثم لما توالت الميمات في " تكمموا "، قلبت الأخيرة ياء، كما قيل في " التظنن " و " التظني "، فلما أسند إليه الواو، قال: " تكموا ".
(٣) في المطبوعة: " يتفرج عنه "، وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب.
(٤) ديوانها: ٢٢، وروايته " ومُخْتَنِقٍ رَاخَى ابنُ عَمْرٍو " من رثائها في أخيها صخر.


الصفحة التالية
Icon