التي يعطاها مسرور بها (١)
= (فخور)، يقول: ذو فخر بما نال من السعة في الدنيا، وما بسط له فيها من العيش، (٢) وينسى صُرُوفها، ونكدَ العَوَائص فيها، (٣) ويدع طلب النعيم الذي يبقى، والسرور الذي يدوم فلا يزول.
١٨٠٠٥- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قوله: (ذهب السيئات عني)، غِرَّةً بالله وجراءة عليه = (إنه لفرح)، والله لا يحب الفرحين= (فخور)، بعد ما أعطي، وهو لا يشكر الله.
* * *
ثم استثنى جل ثناؤه من الإنسان الذي وصفه بهاتين الصفتين: "الذين صبروا وعملوا الصالحات". وإنما جاز استثناؤهم منه لأن "الإنسان" بمعنى الجنس ومعنى الجمع. وهو كقوله: (وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)، [سورة العصر: ١-٣]، (٤)
فقال تعالى ذكره: (إلا الذين صبروا وعملوا الصالحات)، فإنهم إن تأتهم شدّة من الدنيا وعسرة فيها، لم يثنهم ذلك عن طاعة الله، ولكنهم صبروا لأمره وقضائه. فإن نالوا فيها رخاء وسعةً، شكروه وأدَّوا حقوقه بما آتاهم منها. يقول الله: (أولئك لهم مغفرة) يغفرها لهم، ولا يفضحهم بها في معادهم = (وأجر كبير)، يقول: ولهم من الله مع مغفرة ذنوبهم، ثوابٌ على أعمالهم الصالحة التي عملوها في دار الدنيا، جزيلٌ، وجزاءٌ عظيم.
١٨٠٠٦- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج: (إلا الذين صبروا)، عند البلاء، (وعملوا الصالحات)، عند النعمة
(٢) انظر تفسير " فخور " فيما سلف ٨: ٣٥٠.
(٣) في المطبوعة: " نكد العوارض "، غير ما في المخطوطة، و " العوائص " جمع " عائص " أو " عائصة "، ومثله " العوصاء "، وكله معناه: الشدة والعسر والحاجة.
(٤) انظر معاني القرآن للفراء في تفسير الآية. ومن هنا سأرجع إلى النسخة المخطوطة من معاني القرآن، لأن بقية الكتاب لم تطبع بعد. والنسخة التي أرجع إليها هي المخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم: ب ٢٤٩٨٦، مصورة عن نسخة مكتبة " بغداد لي وهبي " بالمكتبة السليمانية، بالآستانة.