كسائر ما سُئلته من الآيات، كالكنز الذي قلتم: هَلا أنزل عليه؟ أو الملك الذي قلتم: هلا جاء معه نذيرًا له مصدقًا! فإنكم قومي، وأنتم من أهل لساني، وأنا رجل منكم، ومحال أن أقدر أخلق وحدي مائة سورة وأربع عشرة سورة، ولا تقدروا بأجمعكم أن تفتروا وتختلقوا عشر سور مثلها، ولا سيما إذا استعنتم في ذلك بمن شئتم من الخلق.
يقول جل ثناؤه: قل لهم: وادعوا من استطعتم أن تدعوهم من دون الله = يعني سوى الله، لا فتراء ذلك واختلاقه من الآلهة، فإن أنتم لم تقدروا على أن تفتروا عشر سور مثله، فقد تبين لكم أنكم كذبةٌ في قولكم: (افتراه)، وصحّت عندكم حقيقة ما أتيتكم به أنه من عند الله. ولم يكن لكم أن تتخيروا الآيات على ربكم، وقد جاءكم من الحجة على حقيقة ما تكذبون به أنه من عند الله، مثل الذي تسألون من الحجة وترغبون أنكم تصدِّقون بمجيئها.
* * *
وقوله: (إن كنتم صادقين)، لقوله: (فأتوا بعشر سور مثله)، وإنما هو: قل: فأتوا بعشر سور مثله مفتريات، إن كنتم صادقين أن هذا القرآن افتراه محمد = وادعوا من استطعتم من دون الله على ذلك، من الآلهة والأنداد.
١٨٠٠٨- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، عن ابن جريح: (أن يقولون افتراه)، قد قالوه، (قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات). وادعوا شهداءكم، قال: يشهدون أنها مثله = هكذا قال القاسم في حديثه. (١)
* * *
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).