على ربّي دونكم، لا تؤاخذون بذنبي ولا إثمي، ولا أؤاخذ بذنبكم. (وأنا بريء مما تجرمون)، يقول: وأنا بريء مما تذنبون وتأثَمُون بربكم، من افترائكم عليه.
* * *
ويقال منه: "أجرمت إجرامًا"، و"جرَمْت أجرِم جَرْمًا"، (١) كما قال الشاعر: (٢)

طَرِيدُ عَشِيرَةٍ وَرَهِينُ ذَنْبٍ بِمَا جَرَمَتْ يَدِي وَجَنَى لِسَانِي (٣)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وأوحَى الله الله إلى نوح، لمّا حَقّ على قومه القولُ، وأظلَّهم أمرُ الله، أنه لن يؤمن، يا نوح، بالله فيوحِّده، ويتبعك على ما تدعوه إليه = (من قومك إلا من قد آمن)، فصدّق بذلك واتبعك. (فلا تبتئس)، يقول: فلا تستكن ولا تحزن = (بما كانوا يفعلون)، فإني مهلكهم، ومنقذك منهم ومن اتبعك. وأوحى الله ذلك إليه، بعد ما دعا عليهم نوحٌ بالهلاك فقال: (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا)، [سورة نوح: ٢٦].
* * *
= وهو "تفتعل" من "البؤس"، يقال: "ابتأس فلان بالأمر يبتئس ابتئاسًا":
(١) انظر تفسير " الإجرام " فيما سلف من فهارس اللغة (جرم).
(٢) هو الهيردان بن خطار بن حفص السعدي، اللص، وضبط اسمه بفتح الهاء، وسكون الياء، وضم الراء.
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٨٨، واللسان (جرم).


الصفحة التالية
Icon