نعلان، ولا يقال: "عليه زوجُ نعال"، وكذلك: "عنده زوجا حمام"، و"عليه زوجَا قيود". وقال: ألا تسمع إلى قوله: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأنْثَى) [سورة النجم: ٤٥]، فإنما هما اثنان. (١)
* * *
وقال بعض البصريين من أهل العربية في قوله: (قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين)، قال: فجعل "الزوجين"، "الضربين"، الذكور والإناث. قال: وزعم يونس أن قول الشاعر: (٢)

وَأَنْتَ امْرُؤٌ تَغْدُو عَلَى كُلِّ غِرَّة فَتُخْطِئُ فِيهَا مَرَّةً وَتُصِيبُ (٣)
يعني به الذئب. قال: فهذا أشذّ من ذلك.
* * *
وقال آخر منهم: "الزوج"، اللون. قال: وكل ضرب يدعى "لونًا"، واستشهد ببيت الأعشى في ذلك:
وَكُلُّ زَوْجٍ مِنَ الدِّيبَاجِ يَلْبَسُهُ أَبُو قُدَامَةَ مَحْبُوًّا بِذَاكَ مَعَا (٤)
ويقول لبيد:
وَذِي بَهْجَةٍ كَنَّ المقَانِبُ صَوْتَهُ وَزَيَّنَهُ أَزْوَاجُ نَوْرٍ مُشَرَّبِ (٥)
* * *
(١) انظر تفسير " الزوجين " فيما سلف ١٢: ١٨٣، ١٨٤.
(٢) لم أعرف قائله.
(٣) اللسان (مرأ)، ويعني أنه سمى الذئب " امرءا "، جعله إنسانا، فهذا شذوذه.
(٤) ديوانه: ٨٦، اللسان (زوج)، من قصيدته في " هوذة بن علي الحنفي "، وهو " أبو قدامة "، وقبله:(٥) ديوانه: قصيدة ٩، البيت: ٢٥، يصف غيثًا تبرجت به الأرض، يقول قبله:
مَنْ يَلْقَ هَوْذَةَ يَسْجُدْ غَيْرَ مُتَّئِبٍ إذا تَعَصَّبَ فَوْقَ التَّاجِ أوْ وَضَعَا
لَهُ أَكَالِيلُ بِالْيَاقُوتِ زَيَّنَها صُوَّاغُها، لاَ تَرَى عَيْبًا ولَا طَبَعَا.
وَغَيْثٍ بِدَكْدَاكٍ يَزِينُ وِهَادَهُ نَبَاتٌ كوَشْي العَبْقَرِيِّ المُخَلَّبِ
أَرَبَّتْ عَلَيْهِ كُلُّ وَطْفَاءَ جَوْنَةٍ هَتُوفٍ مَتَى يُنْزِفُ لَهَا الوَبْلُ تَسْكُبِ
بِذِي بَهْجَةٍ كَنَّ المَقَانِبَ صَوْبُهُ وَزَيَّنَهُ أَطْرَافُ نَبْتٍ مُشَرَّبِ
هذه رواية الديوان، وروى أيضًا: " ألوان نور مشرب ". و"الدكداك " ما ارتفع واستوى من الأرض، و " الوهاد "، ما اطمأن من الأرض، و " المخلب "، المخطط، يصف النبت وزهره، كأنه برود مخططة منشورة على الربى والوهاد. و" أربت "، أقامت، و" الوطفاء "السحابة الدانية من الأرض، و" الجونة "، السوداء، وذلك لكثرة مائها، و" هتوف "، يهتف رعدها ويصوت. و" أنزف الشيء "، أذهبه. يقول: أقامت عليه هذه السحابة الكثيرة الماء ترعد، فلما ذهب الوبل، جاءت بمطر سكب. و"البهجة "، زهو النبات، و" كن "، منع وستر، و" المقانب "، جماعة الخيل. و" الصوب " المطر. و"مشرب " أشرب ألوانًا من حمرة وصفرة وخضرة. يقول: جاء المطر فاستتروا به لطوله وارتفاعه. وأما رواية أبي جعفر، فمعناها: أن المقانب منعته أن يرعاه أحد سواهم، فلم يسمع به صوت.


الصفحة التالية
Icon