(١)
مِنَ القَوْمِ يَعْرُوهُ اجْتِرَاءٌ وَمَأْثَمُ (٢)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٦) ﴾
قال أبو جعفر: يقول: إني على الله الذي هو مالكي ومالككم، والقيِّم على جميع خلقه، توكلت من أن تصيبوني، أنتم وغيركم من الخلق بسوء، (٣) فإنه ليس من شيء يدب على الأرض، (٤) إلا والله مالكه، وهو في قبضته وسلطانه. ذليلٌ له خاضعٌ.
* * *

(١) هو أبو خراش الهذلي.
(٢) ديوان الهذليين ٢: ١٤٧، مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٩٠، من قصيدته التي ذكر فيها فراره من فائد وأصحابه الخزاعيين، وكان لهم وتر عنده. فلما لقوه فر وعدا، فذكر ذلك في شعره، ثم انتهى إلى ذكر رجل كان يتبعه وهو يعدو فقال:
أُوائِلُ بالشَّدِّ الذَّلِيقِ، وَحَثَّنِي لَدَى المَتْنِ مَشْبُوحُ الذِّرَاعَينِ خَلْجَمُ
تَذَكَّر ذَخْلاً عِنْدَنَا، وهو فاتِكٌ مِنَ القَوْمِ يَعْرُوهُ اجْتِرَاءٌ وَمَأْثَمُ
يقول: " أوائل بالشد "، أطلب النجاة بالعدو السريع، و" الذليق "، الحديد السريع الشديد، و" حثني لدى المتن "، يحثني على عدوى، رجل من ورائي، كأنه من قربه قد ركب متني، " مشبوح الذراعين "، من صفة هذا الرجل أنه عريض الذراعين، " خلجم "، طويل شديد. و" تذكر ذحلا "، أي ثأرًا، فكان تذكره للثأر أحفز له على طلب أبي خراش. ثم قال: إنه فاتك من فتاكهم، لا يرهب، ويدفعه على ذلك " اجتراء "، أي جرأة لا تكفها المخافة، و" مأثم "، أي طلب الأثام، وهو المجازاة والعقوبة على إثمي الذي سلف إليهم. و" المأثم " و"الأثام "واحد.
وكان في المطبوعة: " اجترام "، وفي المخطوطة: " اجترامًا "، وهما خطأ، صوابه ما أثبت من ديوانه.
(٣) انظر تفسير " التوكل " فيما سلف من فهارس اللغة (وكل).
(٤) انظر تفسير " دابة " فيما سلف ص: ٢٤٠، تعليق: ١، والمراجع هناك.


الصفحة التالية
Icon