القول في تأويل قوله تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هود لقومه: (فإن تولوا)، يقول: فإن أدبروا معرضين عما أدعوهم إليه من توحيد الله وترك عبادة الأوثان (١) = (فقد أبلغتكم) أيها القوم = (ما أرسلت به إليكم)، وما على الرسول إلا البلاغ = (ويستخلف ربي قوما غيركم)، يهلككم ربي، ثم يستبدل ربي منكم قومًا غيركم، (٢) يوحِّدونه ويخلصون له العبادة = (ولا تضرونه شيئًا)، يقول: ولا تقدرون له على ضرّ إذا أراد إهلاككم أو أهلككم.
* * *
وقد قيل: لا يضره هلاككُم إذا أهلككم، لا تنقصونه شيئًا، لأنه سواء عنده كُنتم أو لم تكونوا.
* * *
= (إن ربي على كل شيء حفيظ)، يقول: إن ربي على جميع خلقه ذو حفظ وعلم. (٣)
يقول: هو الذي يحفظني من أن تنالوني بسوء.
* * *

(١) كان حق الكلام أن يقول: " فإن أدبرتم معرضين عما أدعوكم إليه "، فهو خطاب من هود لقومه، أي: " فإن تتولوا "، وحذف إحدى التاءين. وكأن هذا سهو من أبي جعفر رحمه الله وغفر له.
(٢) انظر تفسير " الاستخلاف " فيما سلف من فهارس اللغة (خلف).
(٣) انظر تفسير " حفيظ " فيما سلف ٨: ٥٦٢ / ١٢: ٢٥، ٣٣.


الصفحة التالية
Icon