القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (٥٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولما جاء قوم هود عذابُنا، نجينا منه هودًا والذين آمنوا بالله معه = (برحمة منا)، يعني: بفضل منه عليهم ونعمة = (ونجيناهم من عذاب غليظ)، يقول: نجيناهم أيضًا من عذاب غليظ يوم القيامة، كما نجيناهم في الدنيا من السخطة التي أنزلتها بعادٍ. (١)
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (٥٩) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وهؤلاء الذين أحللنا بهم نقمتنا وعذابنا، عادٌ، جحدوا بأدلة الله وحججه، (٢) وعصوا رسله الذين أرسلهم إليهم للدعاء إلى توحيده واتباع أمره = (واتبعوا أمر كل جبار عنيد)، يعني: كلّ مستكبر على الله، (٣) حائد عن الحق، لا يُذعن له ولا يقبله.
* * *
يقال منه: "عَنَد عن الحق، فهو يعنِد عُنُودًا"، و"الرجل عَاند وعَنُود". ومن ذلك قيل للعرق الذي ينفجر فلا يرقأ: "عِرْق عاند": أي ضَارٍ، (٤)
ومنه قول الراجز:

(١) انظر تفسير " الغلظة " فيما سلف ١٤: ٥٧٦، تعليق: ٢، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير " الجحد " فيما سلف ١١: ٣٣٤ / ١٢: ٤٧٦.
(٣) انظر تفسير " الجبار " فيما سلف ١٠: ١٧٢.
(٤) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٢٩١، ففيه زيادة بيان.


الصفحة التالية
Icon