وكان بعض نحويي الكوفة يقول: من نصبه جعله نكرةً خارجة من المعرفة، ويكون قوله: "هن" عمادًا للفعل فلا يُعْمِله.
* * *
وقال آخر منهم: مسموع من العرب: "هذا زيد إيَّاه بعينه"، قال: فقد جعله خبرًا لـ "هذا" مثل قولك: "كان عبد الله إياه بعينه". قال: وإنما لم يجز أن يقع الفعل ههنا، لأن التقريب ردُّ كلام، (١) فلم يجتمعا، لأنه يتناقض، لأنَّ ذلك إخبار عن معهود، وهذا إخبار عن ابتداء ما هو فيه: "ها أنا ذا حاضر"، أو: "زيد هو العالم"، فتناقض أن يدخل المعهودُ على الحاضر، فلذلك لم يجُزْ.
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا أستجيز خلافها في ذلك، الرفع: (هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ)، لإجماع الحجة من قراء الأمصار عليه، مع صحته في العربية، وبعد النصب فيه من الصحة.
* * *
وقوله: (فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي)، يقول: فاخشوا الله، أيها الناس، واحذروا عقابه، في إتيانكم الفاحشة التي تأتونها وتطلبونها = (ولا تخزون في ضيفي)، يقول: ولا تذلوني بأن تركبوا مني في ضيفي ما يكرهون أن تركبُوه منهم. (٢)
* * *
و"الضيف "، في لفظ واحدٍ في هذا الموضع بمعنى جمع. والعرب تسمي الواحد والجمع "ضيفًا" بلفظ واحدٍ. كما قالوا: "رجل عَدْل، وقوم عَدْل".
* * *

(١) انظر تفسير " التقريب " فيما سلف ٧: ١٤٩، تعليق: ٤، وص: ١٥٠، تعليق: ٣، وهو من اصطلاح الكوفيين. وهو أن تكون " هذا " و " هذه "، من أخوات " كان " في احتياجهما إلى اسم مرفوع، وخبر منصوب.
(٢) انظر تفسير " الخزي " فيما سلف من فهارس اللغة (خزي).


الصفحة التالية
Icon