والوجه الآخر: وهو أن يقال: هو مصدر بمعنى"مفعول". وتأويله: وجاؤوا على قميصه بدم مكذوب= كما يقال:"ما له عقل ولا معقول"، و"لا له جَلَد ولا له مجْلود". والعرب تفعل ذلك كثيرًا، تضع"مفعولا" في موضع المصدر، والمصدر في موضع مفعول، كما قال الراعي:

حَتَّى إذَا لم يَتْرُكُوا لِعِظَامِهِ لَحْمًا وَلا لِفؤادِهِ مَعْقول (١)
وذلك كان يقوله بعض نحويي الكوفة. (٢)
* * *
وقوله: (قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا) يقول تعالى ذكره: قال يعقوب لبنيه الذين أخبروه أن الذئب أكل يوسف مكذبا لهم في خبرهم ذلك: ما الأمر كما تقولون، (بل سوّلت لكم أنفسكم أمرًا) يقول: بل زيَّنت لكم أنفسكم أمرًا في يوسف وحسنته، ففعلتموه كما:-
١٨٨٦٦- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة:
(١) جمهرة أشعار العرب: ١٧٥، وغيرها، من ملحمته المشهورة، قالها لعبد الملك بن مروان، وكان بعض عماله على الصدقات، قد أوقع ببني نمير قوم الراعي، لأن قيسًا كانت زبيرية الهوى، فقال:ثم يقول له: حَتَّى إذَا لَمْ يَتْرُكُوا.................................
أَخَلِيفَةَ الرَّحْمَنِ إنَّا مَعْشَرٌ حُنَفَاءُ نَسْجُدُ بُكْرَةً وأصِيلاَ
عَرَبٌ، نَرَى لِلهِ في أمْوالِنا حَقَّ الزَّكاةِ مُنَزَّلاً تنزيلاَ
إنَّ السُّعاةَ عَصَوْكَ يَوْمَ أمْرَتَهُمْ وأتَوْا دَواهِيَ، لو عَلِمْتَ، وغُولا
أخَذُوا العَرِيفَ فَقَطَّعُوا حَيْزُومَهُ بِالأصْبَحِيَّةِ قائمًا مَغْلُولاً
جَاءوا بِصَكِّهِمُ، وَأَحْدَبَ أَسْأَرَتْ مِنْهُ السِّياطُ يَرَاعَةً إجْفِيلا
وهي من جيد الشعر.
(٢) هو الفراء في معاني القرآن، في تفسير هذه الآية.


الصفحة التالية
Icon