وقوله: (فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون)، وهذا مشورة أشار بها نبي الله ﷺ على القوم، ورأيٌ رآه لهم صلاحًا، يأمرهم باستبقاء طعامهم، كما:-
١٩٣٧٠ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: قال لهم نبيّ الله يوسف: (تزرعون سبع سنين دأبًا) الآية، فإنما أراد نبيُّ الله ﷺ البقاء.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول: ثم يجيء من بعد السنين السبع التي تزرعون فيها دأبًا، سنون سبع شداد، يقول: جدوب قحطة= (يأكلن ما قدمتم لهن)، يقول: يؤكل فيهنّ ما قدمتم في إعداد ما أعددتم لهن في السنين السبعة الخصبة من الطعام والأقوات.
* * *
وقال جل ثناؤه: (يأكلن)، فوصف السنين بأنهن (يأكلهن)، وإنما المعنى: أن أهل تلك الناحية يأكلون فيهن، كما قيل: (١)
نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ | وَلَيْلُكَ نَوْمٌ والرَّدَى لَكَ لازِمُ (٢) |
(٢) الأخبار الطوال: ٣٣٣، سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي: ٢٢٥، تاريخ ابن كثير ٩: ٢٠٦، وغيرها، يقول:
أَيَقْظَانُ أَنْتَ اليَوْمَ أَمْ أَنْتَ حَالِمُ | وكيف يطيق النَّوْمَ حَيْرَانُ هَائِمُ |
فَلَوْ كُنْتَ يَقْظَانَ الغَدَاةَ لَحَرَّقَتْ | مَحَاجِرَ عَيْنَيْكَ الدُّمُوعُ السَّوَاجِمُ |
بَلَ أَصْبَحْتَ فِي النَّوْمِ الطَّوِيلِ وَقَدْ دَنَتْ | إلَيْكَ أُمُورٌ مُفْظِعَاتٌ عَظَائمُ |
نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ | ولَيْلُكَ نَوْمٌ، وَالرَّدَى لك لاَزِمُ |
تُسَرُّ بِمَا يَبْلَى، وَتُشْغَلُ بِالمُنَى | كَمَا سُرَّ بِالأَحْلامِ فِي النَّوْم نَائِمُ |
وَسَعْيُكَ فِيما سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ | كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيشُ البَهَائِمُ |
فَلا أَنْتَ فِي النُّوَّامِ يَوْمًا بِسَالِمٍ | وَلا أَنْتَ فِي الأيْقَاظِ يَقْظَانُ حَازِمُ |