واتصل قوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب)، بقول امرأة العزيز: (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين)، لمعرفة السامعين لمعناه، كاتصال قول الله: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ)، بقول المرأة: (وجعلوا أعزة أهلها أذلة)، [سورة النمل: ٣٤] وذلك أن قوله: (وكذلك يفعلون)، خبر مبتدأ، وكذلك قول فرعون لأصحابه في"سورة الأعراف"، (فَمَاذَا تَأْمُرُونَ)، وهو متصل بقول الملأ (يُريدُ أن يُخْرِجَكُمْ مِنْ أرْضِكُمْ) [سورة الأعراف: ١١٠]. (١)
* * *
(١) انظر ما سلف ١٣: ٢٠.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول يوسف صلوات الله عليه: وما أبرئ نفسي من الخطأ والزلل فأزكيها= (إن النفس لأمارة بالسوء)، يقول: إن النفوسَ نفوسَ العباد، تأمرهم بما تهواه، وإن كان هواها في غير ما فيه رضا الله= (إلا ما رحم ربي) يقول: إلا أن يرحم ربي من شاء من خلقه، فينجيه من اتباع هواها وطاعتها فيما تأمرُه به من السوء = (إن ربي غفور رحيم).
* * *
و"ما"في قوله: (إلا ما رحم ربي)، في موضع نصب، وذلك أنه استثناء منقطع عما قبله، كقوله: (ولا هُمْ يُنْقَذُونَ إلا رَحْمَةً مِنَّا) [سورة يس: ٤٣، ٤٤] بمعنى: إلا أن يرحموا. و"أن"، إذا كانت في معنى المصدر، تضارع"ما".
* * *