القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٣) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: والله الذي مَدَّ الأرض، فبسطها طولا وعرضًا.
* * *
وقوله: (وجعل فيها رواسي) يقول جل ثناؤه: وجعل في الأرض جبالا ثابتة.
* * *
و"الرواسي:"جمع"راسية"، وهي الثابتة، يقال منه:"أرسيت الوتد في الأرض": إذا أثبته، (١) كما قال الشاعر: (٢)

بهِ خَالِدَاتٌ مَا يَرِمْنَ وهَامِدٌ وَأشْعَثُ أرْسَتْهُ الوَلِيدَةُ بِالفِهْرِ (٣)
يعني: أثبتته.
* * *
وقوله: (وأنهارًا) يقول: وجعل في الأرض أنهارًا من ماء.
* * *
وقوله: (ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين فـ (من) في
(١) انظر تفسير" الإرساء" فيما سلف ١٣: ٢٩٣.
(٢) هو الأحوص.
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٣٢١، واللسان (رسا)، وروايته" سوى خالدات" و" ترسيه الوليدة". و" الخالدات"، و" الخوالد" صخور الأثافي، سميت بذلك لطول بقائها بعد دروس أطلال الديار.: ما يرمن"، ما يبرحن مكانهن، من" رام المكان يريمه"، إذا فارقه. و" الهامد" الرماد المتلبد بعضه على بعض. و" الأشعث"، الوتد، لأنه يدق رأسه فيتشعث ويتفرق، و" الوليدة": الجارية، و" الفهر" حجر ملء الكف، يدق به.


الصفحة التالية
Icon