قال أربد: اكفنيه وأضربه. (١) فقال ابن الطفيل: يا محمد إن لي إليك حاجة. قال: ادْنُ! فلم يزل يدنو ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:"ادن" حتى وضع يديه على ركبتيه وحَنَى عليه، واستلّ أربد السيف، فاستلَّ منه قليلا فلما رأى النبي ﷺ بَريقه تعوّذ بآية كان يتعوّذ بها، فيبِسَت يدُ أربد على السيف، فبعث الله عليه صاعقة فأحرقته، فذلك قول أخيه:
أَخْشَى عَلَى أَرْبَدَ الحُتُوف وَلا... أَرْهَبُ نَوْءَ السِّمَاك وَالأسَدِ... فَجَّعنِي الْبَرْقُ والصّوَاعِقُ بال... فَارِس يَوْمَ الكَرِيهَةِ النَّجُدِ (٢)
* * *
وقد ذكرت قبل خبر عبد الرحمن بن زيد بنحو هذه القصة. (٣)
* * *
وقوله: (وهم يجادلون في الله)، يقول: وهؤلاء الذين أصابهم الله بالصواعق أصابهم في حال خُصومتهم في الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم. (٤)
* * *
وقوله: (وهو شديد المحال) يقول تعالى ذكره: والله شديدةٌ مماحلته في عقوبة من طغى عليه وعَتَا وتمادى في كفره.
* * *
و"المحال": مصدر من قول القائل: ما حلت فلانًا فأنا أماحله مماحلةً ومِحَالا و"فعلت" منه:"مَحَلت أمحَلُ محْلا إذا عرّض رجلٌ رجلا لما يهلكه ; ومنه قوله:"وَمَاحِلٌ مُصَدَّقٌ"، (٥) ومنه قول أعشى بني ثعلبة:

(١) في المخطوطة والمطبوعة:" أكفيكه"، والصواب ما أثبت.
(٢) مضى الشعر وتفسيره وتخريجه فيما سلف ص: ٣٨١، تعليق: ٣.
(٣) هو الأثر رقم: ٢٠٢٥٠.
(٤) انظر تفسير" المجادلة" فيما سلف ١٥: ٤٠٢، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٥) هذا حديث جابر رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال:
" القرآن شافع مشفع، وما حل مصدق، من جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلف ظهره ساقه إلى النار"
رواه ابن حبان في صحيحه ١: ٢٨٧ رقم: ١٢٤، وخرجه أخي السيد أحمد هناك. وهو في مجمع الزوائد ١: ١٧ / ٧ /: ١٦٤، ورواه أيضًا عن ابن مسعود، ولكنه ضعف إسناده. وانظر أمالي القالي ٢: ٢٦٩، بغير هذا اللفظ. هذا الخبر مشهور عن ابن مسعود، وإن كان صحيحه عند جابر.


الصفحة التالية
Icon