القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَنزلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا وَاقٍ (٣٧) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وكما أنزلنا عليك الكتاب، يا محمد، فأنكرهُ بعض الأحزاب، كذلك أيضًا أنزلنا الحكم والدين حُكْمًا عربيًا (١) وجعل ذلك (عربيًا)، ووصفه به لأنه أنزل على محمدٍ ﷺ وهو عربيٌّ، فنسب الدين إليه، إذ كان عليه أنزل، فكذَّب به الأحزابُ. ثم نهاه جل ثناؤه عن ترك ما أنزل إليه واتباع الأحزاب، وتهدَّده على ذلك إنْ فعله فقال: (ولئن اتبعت) يا محمد (أهواءهم)، أهوَاء هؤُلاء الأحزاب ورضَاهم ومحبتَهم (٢) وانتقلت من دينك إلى دينهم، ما لك من يَقيك من عَذاب الله إنْ عذّبك على اتباعك أهواءَهم، وما لك من ناصر ينصرك فيستنقذك من الله إن هو عاقبك، (٣) يقول: فاحذر أن تتّبع أهَواءهم.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ (٣٨) ﴾
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (ولقد أرسلنا)، يا محمد (رسلا من قبلك) إلى أمم قَدْ خَلَتْ من قبلِ أمتك، فجعلناهم بَشرًا مثلَك، لهم أزواج ينكحون،

(١) انظر تفسير" الحكم" فيما سلف من هذا الجزء: ٢٣، تعليق: ١، والمراجع هناك.
(٢) انظر تفسير" الهوى" فيما سلف ٩: ٣٠٢ / ١١: ٣٩٧.
(٣) انظر تفسير" الولي" فيما سلف ١٣: ١٥٢، تعليق: ١، المراجع هناك.


الصفحة التالية
Icon