سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ)، وذلك أن سَكْرة الموت تأتي بالحق والحق يأتي بها، فكذلك الأجل له كتاب وللكتاب أجَلٌ.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ (٣٩) ﴾
قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.
فقال بعضهم: يمحو الله ما يشاء من أمور عبادِه، فيغيّره، إلا الشقاء والسعادة، فإنهما لا يُغَيَّران.
*ذكر من قال ذلك:
٢٠٤٦١- حدثنا أبو كريب قال: حدثنا بحر بن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، في قوله: (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب)، قال: يدبّر الله أمرَ العباد فيمحو ما يشاءُ، إلا الشقاء والسعادة [والحياة] والموت. (١)

(١) الأثر: ٢٠٤٦١ -" أبو كريب"، هو" محمد بن العلاء بن كريب الكوفي الحافظ" شيخ الطبري، مضى مرارًا لا تحصى كثرة.
و" بحر بن عيسى"، فهذا شيء لم أعرفه، ولم أجد له ذكرًا في كتاب على طول البحث، ولكني أرجح أعظم الترجيح أن صواب هذا الإسناد.
" حدثنا أبو كريب قال، حدثنا بكر، عن عيسى، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال... "
وتفسير ذلك:
" ابن أبي ليلى"، هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري"، مضى مرارًا كثيرا، و" عيسى"، هو" عيسى بن المختار بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري"، روى عن عم جده" ابن أبي ليلى محمد بن عبد الرحمن" قال ابن سعد:" كان سمع مصنف ابن أبي ليلى"، مترجم في التهذيب، وغيره.
و" بكر"، هو" بكر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري" ويقال له:" بكر بن عبيد"، روى عن ابن عمه" عيسى بن المختار"، و" أبو كريب" روى عن" بكر بن عبد الرحمن" هذا. مترجم في التهذيب.
فمن أجل هذا السياق الصحيح في الرواية، رجحت أن الصواب" حدثنا بكر، عن عيسى، عن ابن أبي ليلى"، ولعل ذلك من مصنفه الذي رواه عنه عيسى بن المختار، والله أعلم.
وهذا الأثر، ذكره السيوطي في الدر المنثور ٤: ٦٥، ونسبه إلى عبد الرزاق، والفريابي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الشعب مطولا، والزيادة التي بين القوسين منه، ومن تفسير ابن كثير ٤: ٥٣٦، وذكر الخبر، عن الثوري، ووكيع، وهشيم، عن ابن أبي ليلى كما سيأتي في الآثار التالية من ٢٠٤٦٣ - ٢٠٤٦٦.


الصفحة التالية
Icon