وقوله: (فأوحَى إليهم ربُّهم لنُهلكنَّ الظالمين)، الذين ظلموا أنفسهم، (١) فأوجبوا لها عقاب الله بكفرهم. وقد يجوز أن يكون قيل لهم: "الظالمون" لعبادتهم من لا تجوز عبادته من الأوثان والآلهة، (٢) فيكون بوضعهم العبادةَ في غير موضعها، إذ كان ظلمًا، سُمُّوا بذلك. (٣)
* * *
وقوله: (ولنسكننكم الأرض من بعدهم)، هذا وعدٌ من الله مَنْ وَعد من أنبيائه النصرَ على الكَفَرة به من قومه. يقول: لما تمادتْ أمم الرسل في الكفر، وتوعَّدوا رسُلهم بالوقوع بهم، أوحى الله إليهم بإهلاك من كَفَر بهم من أممهم ووعدهم النصر. وكلُّ ذلك كان من الله وعيدًا وتهدُّدا لمشركي قوم نبيِّنا محمد ﷺ على كفرهم به، (٤) وجُرْأتهم على نبيه، وتثبيتًا لمحمد صلى الله عليه وسلم، وأمرًا له بالصبر على ما لقي من المكروه فيه من مشركي قومه، كما صبر من كان قبله من أولي العزم من رسله = ومُعرِّفَة أن عاقبة أمرِ من كفر به الهلاكُ، وعاقبتَه النصرُ عليهم، سُنَّةُ الله في الذين خَلَوْا من قبل.
* * *
٢٠٦١١ - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ولنسكننكم الأرضَ من بعدهم)، قال: وعدهم النصرَ في الدنيا، والجنَّةَ في الآخرة.
* * *
وقوله: (ذلك لمن خَافَ مَقامي وخاف وَعِيدِ)، يقول جل ثناؤه:
(٢) انظر تفسير " الظلم " فيما سلف ١: ٥٢٣، ٥٢٤ / ٢: ٣٦٩، ٥١٩ / ٤: ٥٨٤ / ٥: ٣٨٤، وغيرها في فهارس اللغة.
(٣) في المطبوعة كتب: " سموا بذلك ظالمين "، زاد ما لا محصل له، إذ لم يألف عبارة أبي جعفر، فأظلمت عليه.
(٤) في المطبوعة: " وعيدًا وتهديدًا "، أساء إذ غير لفظ أبي جعفر.