أَتُوعِدُنِي وَرَاءَ بَنِي رِيَاحٍ... كَذَبْتَ لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دُونِي... (١)
يعني: "وراء بني رياح"، قدَّام بني رياح وأمَامهم.
* * *
وكان بعض نحويِّي أهل البَصرة يقول: إنما يعني بقوله: (من ورائه)، أي من أمامه، لأنه وراءَ ما هو فيه، كما يقول لك: "وكلّ هذا من ورائك": أي سيأتي عليك، وهو من وراء ما أنت فيه، لأن ما أنت فيه قد كان قبل ذلك وهو من ورائه. وقال: (وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا) [سورة الكهف: ٧٩]، من هذا المعنى، أي كان وراء ما هم فيه أمامهم.
* * *
وكان بعض نحويي أهل الكوفة يقول: أكثر ما يجوزُ هذا في الأوقات، لأن الوقت يمرُّ عليك، فيصير خلفك إذا جزته، وكذلك (كَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ)، لأنهم يجوزونه فيصير وراءهم.
* * *
وكان بعضهم يقول: هو من حروف الأضداد، يعني وراء يكون قُدَّامًا وخلفًا.
* * *
وقوله: (وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ)، يقول: ويسقى من ماءٍ، ثم بيَّن ذلك الماء جل ثناؤه وما هو، فقال: هو "صديد"، ولذلك رد "الصَّديد" في إعرابه على "الماء"، لأنه بيَانٌ عنه. (٢)
* * *

(١) البيت وتخريجه وشرحه فيما سلف: ٣٩٩، تعليق: ٣، ثم انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة ١: ٣٣٧.
(٢) " البيان "، هو " عطف البيان "، ويسميه الكوفيون " الترجمة " كما سلف، انظر فهارس المصطلحات.


الصفحة التالية
Icon