اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ (٣٥) }
يقول تعالى ذكره (قالَ) إبليس: (لَمْ أَكُنْ لأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُون) وهو من طين وأنا من نار، والنار تأكل الطين. وقوله (فَاخْرُجْ مِنْهَا) يقول الله تعالى ذكره لإبليس: (فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ).
والرجيم المرجوم، صرف من مفعول إلى فعيل وهو المشتوم، كذلك قال جماعة من أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) والرجيم: الملعون.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله (فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) قال: ملعون. والرجم في القرآن: الشتم.
وقوله (وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) يقول: وإن غضب الله عليك بإخراجه إياك من السموات وطردك عنها إلى يوم المجازاة، وذلك يوم القيامة، وقد بيَّنا معنى اللعنة في غير موضع بما أغنى عن إعادته هاهنا.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦) قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨) ﴾
يقول تعالى ذكره: قال إبليس: ربّ فإذ أخرجتني من السموات ولعنتني، فأخِّرني إلى يوم تبعث خلقك من قبورهم فتحشرهم لموقف القيامة، قال الله له: فإنك ممن أُخِّر هلاكه إلى يوم الوقت المعلوم لهلاك جميع خلقي، وذلك حين لا يبقى على الأرض من بني آدم دَيَّار.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٣٩) إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٤٠) ﴾
يقول تعالى ذكره: قال إبليس: (رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي) بإغوائك (لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ