في قوله (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونِ) قال: عجب من كبره، وكبر امرأته.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله، وقال (عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ) ومعناه: لأن مسني الكبر وبأن مسني الكبر، وهو نحو قوله (حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ) بمعنى: بأن لا أقول، ويمثله في الكلام: أتيتك أنك تعطي، فلم أجدك تعطي.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ (٥٥) قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ (٥٦) ﴾
يقول تعالى ذكره: قال ضيف إبراهيم له: بشرناك بحقّ يقين، وعلم منَّا بأن الله قد وهب لك غلاما عليما، فلا تكن من الذين يقنطون من فضل الله فييأسون منه، ولكن أبشر بما بشرناك به واقبل البُشرى.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (مِنَ الْقَانِطِينَ) فقرأه عامَّة قراء الأمصار (مِنَ الْقَانِطِينَ) بالألف. وذكر عن يحيى بن وثاب أنه كان يقرأ ذلك (القَنِطِينَ).
والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة على ذلك، وشذوذ ما خالفه.
وقوله (قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّونَ) يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم للضيف: ومن ييأس من رحمة الله إلا القوم الذين قد أخطئوا سبيل الصواب، وتركوا قصد السبيل في تركهم رجاء الله، ولا يخيب من رجاه، فضلوا بذلك عن دين الله.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله (وَمَنْ يَقْنَطُ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء المدينة والكوفة (وَمَنْ يَقْنَطُ) بفتح النون، إلا الأعمش والكسائي فإنهما كسرا النون من (يَقْنِط). فأما الذين فتحوا النون منه ممن ذكرنا فإنهم قرءوا (مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا) بفتح القاف والنون. وأما الأعمش فكان يقرأ ذلك: من بعد ما قَنِطُوا، بكسر


الصفحة التالية
Icon