شعيب، قال: سمعت أبا صادق يقرأ (يا عِبادِي أتّى أمْرُ اللَّهِ فلا تستعجلوه".
وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب، قول من قال: هو تهديد من الله أهل الكفر به وبرسوله، وإعلام منه لهم قرب العذاب منهم والهلاك وذلك أنه عقَّب ذلك بقوله سبحانه وتعالى (عَمَّا يُشْرِكُونَ) فدلّ بذلك على تقريعه المشركين ووعيده لهم. وبعد، فإنه لم يبلغنا أن أحدا من أصحاب رسول الله ﷺ استعجل فرائض قبل أن تُفرض عليهم فيقال لهم من أجل ذلك: قد جاءتكم فرائض الله فلا تستعجلوها. وأما مستعجلو العذاب من المشركين، فقد كانوا كثيرا.
وقوله سبحانه وتعالى (عَمَّا يُشْرِكُونَ) يقول تعالى تنزيها لله وعلوّا له عن الشرك الذي كانت قريش ومن كان من العرب على مثل ما هم عليه يَدِين به.
واختلفت القراء في قراءة قوله تعالى (عَمَّا يُشْرِكُونَ) فقرأ ذلك أهل المدينة وبعض البصريين والكوفيين (عَمَّا يُشْرِكُونَ) بالياء على الخبر عن أهل الكفر بالله وتوجيه للخطاب بالاستعجال إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك قرءوا الثانية بالياء. وقرأ ذلك عامَّة قرّاء الكوفة بالتاء على توجيه الخطاب بقوله (فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبقوله تعالى "عما يشركون" إلى المشركين، والقراءة بالتاء في الحرفين جميعا على وجه الخطاب للمشركين أولى بالصواب لما بيَّنت من التأويل، أن ذلك إنما هو وعيد من الله للمشركين، ابتدأ أوّل الآية بتهديدهم، وختم آخرها بنكير فعلهم واستعظام كفرهم على وجه الخطاب لهم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿يُنزلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاتَّقُونِ (٢) ﴾
اختلفت القرّاء في قراءة قوله (يُنزلُ الْمَلائِكَةَ) فقرأ ذلك عامَّة قرّاء المدينة والكوفة (يُنزلُ الْمَلائِكَةَ) بالياء وتشديد الزاي ونصب الملائكة، بمعنى ينزل الله الملائكة بالروح. وقرأ ذلك بعض البصريين وبعض المكيين: " يُنزلُ المَلائِكَةَ "


الصفحة التالية
Icon