آتاهم من كشف الضرّ عنهم (فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ)، وهذا من الله وعيد لهؤلاء الذين وصف صفتهم في هذه الآيات، وتهديد لهم، يقول لهم جلّ ثناؤه: تمتعوا في هذه الحياة الدنيا إلى أن توافيكم آجالكم، وتبلغوا الميقات الذي وقته لحياتكم وتمتعكم فيها، فإنكم من ذلك ستصيرون إلى ربكم، فتعلمون بلقائه وبال ما كسبت أيديكم، وتعرفون سوء مغبة أمركم، وتندمون حين لا ينفعكم الندم.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦) ﴾
يقول تعالى ذكره: ويجعل هؤلاء المشركون من عَبَدة الأوثان، لما لا يعلمون منه ضرا ولا نفعا نصيبا. يقول: حظا وجزاء مما رزقناهم من الأموال، إشراكا منهم له الذي يعلمون أنه خلقهم، وهو الذي ينفعهم ويضرّهم دون غيره.
كالذي حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ) قال: يعلمون أن الله خلقهم ويضرهم وينفعهم، ثم يجعلون لما لا يعلمون أنه يضرّهم ولا ينفعهم نصيبا مما رزقناهم.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ) وهم مشركو العرب، جعلوا لأوثانهم نصيبا مما رزقناهم، وجزءا من أموالهم يجعلونه لأوثانهم.
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ) قال: جعلوا لآلهتهم التي ليس لها نصيب ولا شيء، جعلوا لها نصيبا مما قال الله من الحرث والأنعام، يسمون عليها أسماءها ويذبحون لها.
وقوله (تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُون) يقول تعالى ذكره: والله أيها المشركون الجاعلون الآلهة والأنداد نصيبا فيما رزقناكم شركا بالله وكفرا،


الصفحة التالية
Icon