* ذكر من قال ذلك:
حدثني داود الواسطيّ، قال: ثنا أبو أسامة، قال أبو رَوْق: ثني قال: قلت للشعبيّ: أرأيت قوله تعالى (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا) أهو هذا السكر الذي تصنعه النَّبَط؟ قال: لا هذا خمر، إنما السَّكَر الذي قال الله تعالى ذكره: النبيذ والخلّ والرزق الحسن: التمر والزبيب.
حدثني يحيى بن داود، قال: ثنا أبو أسامة، قال: وذكر مجالد، عن عامر، نحوه.
حدثني أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مندل، عن ليث، عن مجاهد (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا) قال: ما كانوا يتخذون من النخل النَّبيذ، والرزق الحسن: ما كانوا يصنعون من الزبيب والتمر.
حدثنا أحمد، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا مندل، عن أبي رَوْق، عن الشعبيّ، قال: قلت له: ما تتخذون منه سَكَرا؟ قال: كانوا يصنعون من النبيذ والخلّ قلت: والرزق الحسن؟ قال: كانوا يصنعون من التمر والزبيب.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبو أسامة وأحمد بن بشير، عن مجالد، عن الشعبيّ، قال: السَّكَر: النبيذ والرزق الحسن: التمر الذي كان يؤكل، وعلى هذا التأويل، الآية غير منسوخة، بل حكمها ثابت.
وهذا التأويل عندي هو أولى الأقوال بتأويل هذه الآية، وذلك أن السَّكَر في كلام العرب على أحد أوجه أربعة: أحدها: ما أسكر من الشراب. والثاني: ما طُعِم من الطعام، كما قال الشاعر:
جَعَلْتُ عَيْبَ الأكْرَمِينَ سَكَرَا (١)
أي طعما. والثالث: السُّكُون، من قول الشاعر:
جَعَلْتُ عَيْنَ الحَرُورِ تَسْكُرُ (٢)
أي جعلت ذمهم طعما لك.
(٢) تقدم الكلام على هذا الشاهد في صفحة؟ من هذا الجزء واستشهد به أبو عبيدة في مجاز القرآن (١: = ٣٦٣) بعد الشاهد السابق، وعطفه عليه بقوله: وقال:
جاء الشتاء واجتأل القنبر | وجعلت عين الحرور تسكر |
تريد الليالي في طولها | وليست بطلق ولا ساكرة |