من المَسّ؛ ثُمَّ نَظَرْتُ، فإِذَا أنا بنِساءٍ مُعَلَّقاتٍ بِثُدُيِّهِنَّ، وَنِساءٌ مُنَكَّساتٌ بأرْجُلِهِنَّ، قُلْتُ: مَنْ هَؤُلاءِ يا جَبْرَئِيلُ؟ قال: هنّ اللاتي يَزْنِينَ وَيَقْتُلْنَ أولادَهُنَّ قالَ: ثُمَّ صَعَدْنا إلى السَّماء الثَّانِيَةِ، فإذَا أنا بِيُوسُف وحَوْلهُ تَبَعٌ مِنْ أُمَّتِهِ، وَوَجْهُهُ كالقَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ، فَسَلَّمَ عَلَيَّ وَرَحَّبَ بِي، ثُمَّ مَضَيْنَا إلى السَّماءِ الثَّالِثَةِ، فإذا أنا بابْنَيِ الخَالَةِ يَحيَى وَعِيسَى، يُشْبِهُ أحَدُهُما صَاحِبَهُ، ثِيابُهما وَشَعْرُهُما، فَسَلَّما عَليَّ، وَرَحَّبا بِي، ثُمَّ مَضَيْنَا إلى السَّماء الرّابِعَةِ، فإذا أنا بإدْرِيسَ، فَسَلَّمَ عَليَّ وَرَحَّب وَقَدْ قالَ الله (وَرَفَعْناه مَكانا عَلِيًّا) ؛ ثُمَّ مَضَيْنا إلى السَّماءِ الخَامِسَةِ، فإذا أنا بِهارُون المُحَبَّبِ فِي قَوْمِهِ، حَوْلَهُ تَبَعٌ كَثِيرٌ مِنْ أُمَّتِهِ، فَوَصَفَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عليه وسَلَّمَ: طَوِيلُ اللِّحْيَة تَكادُ لِحْيَتُهُ تَمَسُّ سُرَّتَهُ، فَسلَّمَ عَليَّ وَرَحَّبَ؛ ثُمَّ مَضَيْنا إلى السَّماء السَّادسَة فإذَا أنا بِمُوسَى بْنِ عِمْرَانَ فَوَصَفَهُ النَّبِيُّ صَلى الله عليه وسلَّمَ فقال: كَثِيرُ الشَّعْرِ لَوْ كانَ عَلَيْهِ قَمِيصَانِ خَرَجَ شَعْرُهُ مِنْهُما؛ قالَ مُوسَى: تَزْعَمُ النَّاسُ أنّي أكْرَمُ الخَلْقِ عَلى الله، فَهَذَا أكْرَمُ على الله مِنِّي، وَلَوْ كانَ وَحْدَهُ لَمْ أكُنْ أُبالي، وَلكِنْ كُلُّ نَبِيّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أُمَّتِهِ؛ ثُمَّ مَضَيْنَا إلى السَّماءِ السَّابِعَةِ، فإِذَا أنا بإبْرَاهِيمَ وَهُوَ جالِس مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إلى البَيْتِ المَعْمُورِ فَسَلَّمَ عَليَّ وقَال: مَرْحَبا بالنَّبِيّ الصَّالِحِ وَالوَلَدِ الصَّالِحِ، فَقِيلَ: هَذَا مَكانُكَ وَمَكانُ أُمَّتِك، ثُمَّ تَلا (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) ثُمَّ دَخَلْتُ البَيْتَ المَعْمُورَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ، وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إلَى يَوْمِ القِيامَة؛ ثُمَّ نَظَرْتُ فإِذَا أنا بِشَجَرَةٍ إِنْ كانَتْ الوَرَقَةُ مِنْها لمُغطِّيَةٌ هذهِ الأمَّةَ، فإذَا فِي أصْلِها عَيْنٌ تَجْرِي قَدْ تَشَعَّبَتْ شُعْبَتَيْنِ، فَقُلْتُ: ما هَذا يا جَبْرَئِيلُ؟ قال: أمَّا هذَا: فَهُوَ نَهْرُ الرَّحمَةِ، وأمَّا هذَا: فَهُوَ الكَوْثَرُ الذِي أعْطاكَهُ الله، فاغْتَسَلْتُ فِي نَهْرِ الرَّحمَةِ فَغُفِرَ لي ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي ومَا تَأخَّرَ، ثُمَّ أخذتُ عَلى الكَوْثَرِ حتى دَخَلْتُ الجَنَّة، فإذَا فِيها، ما لا عَيْنٌ رأتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَإِذَا فِيها رُمَّانٌ كأنَّهُ جُلُودُ الإبِلِ المُقَتَّبَةُ، وإِذَا فِيها طَيْرٌ كأنَّها البُخْتُ، فقالَ أبُو بَكْرٍ: إنَّ تِلكَ الطَّيْرَ لنَاعِمَةٌ، قالَ: أكَلَتُها أنْعَمُ مِنْها يا أبا بَكْرٍ، وإنّي لأرْجو أنْ تَأكُلَ مِنْها، ورأيْتُ فِيها جارِيَةً، فَسألْتُها: لِمَنْ أنْتِ؟ فَقالَتْ: لِزَيْد بْنِ حارِثَة فَبَشَّرَ بها رَسُولُ الله صَلى الله عليه وسلَّمَ زَيْدًا؛ قالَ: ثُمَّ إِنَّ الله أمَرَنِي بأمْرِهِ، وفَرَضَ عَليَّ خَمْسِينَ صَلاةً، فَمَرَرْتُ عَلى مُوسَى، فقالَ: بِمَ أمَرَكَ رَبُّكَ؟ قُلْتُ: فَرضَ عَليَّ خَمْسِينَ صَلاةً، قالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فأسأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لَنْ يَقُومُوا بِهذَا، فَرَجَعْتُ إلى رَبّي فَسألْتُهُ فَوَضَعَ عَنِّي عَشْرًا، ثُمَّ رَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَلَمْ أزَلْ أرْجِعُ إلى رَبّي إذَا مَرَرْتُ بِمُوسَى حتى فَرَضَ عَليَّ خَمْسَ صَلَوَاتٍ، فَقالَ مُوسَى: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسألْهُ التَّخْفِيفَ، فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إلى رَبّي حتى اسْتَحْيَيْتُ؛ أو قالَ: قُلْتُ: ما أنا بِرَاجِعٍ، فَقِيلَ لي: إِنَّ لَكَ بِهذِه الخَمْسِ صَلَوَاتِ خَمْسِينَ صَلاةً، الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمْثالِهَا، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْها كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَمَنْ عَمِلَها كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئةٍ فَلَم يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئا، فإنْ عَمِلَها كُتِبَتْ وَاحدَةً".
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: ثني روح بن القاسم، عن أبي هارون عمارة بن جوين العبدي، عن أبي سعيد الخدري؛ وحدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: وثني أبو جعفر، عن أبي هارون، عن أبي سعيد، قال: سمعت النبيّ ﷺ يقول: "لَمَّا فَرَغْتُ مِمَّا كانَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، أُتِيَ بالمِعْرَاجِ، ولَمْ أرَ شَيْئا قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي يَمُدُّ إلَيْهِ مَيِّتُكُمْ عَيْنَيْهِ إذا حَضَرَ، فَأصْعَدَنِي صَاحِبي فِيهِ حتى انْتَهَى إلى بابٍ مِنَ الأبْوَابِ يُقالُ لَهُ بَابُ الحَفَظَةِ، عَلَيْهِ مَلَكٌ يُقالُ لَهُ إسْماعِيلُ، تَحْتَ يَدَيْهِ اثْنا عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ، تَحْتَ يَدَيْ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ اثْنا عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ، فقال رسول الله ﷺ حين حدّث هذا الحديث: (ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إلا هُوَ) ثم ذكر نحو حديث معمر، عن أبي هارون إلا أنه قال في حديثه: قال: ثُمَّ دَخَلَ بِيَ الجَنَّةَ فَرأيْتُ فيها جارِيَةً، فَسألتُها لِمَنْ أنْتِ؟ وَقَدْ أعْجَبَتْنِي حين رأيْتُها، فَقالَتْ: لِزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فبشَّر بها رسول الله ﷺ زيد بن حارثة، ثم انتهى حديث ابن حميد عن سلمة إلى ههنا.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، أن رسول الله ﷺ وصف لأصحابه ليلة أُسري به إبراهيمَ وموسى وعيسى فقال: أمَّا إبْرَاهِيمُ فَلَمْ أرَ رَجُلا أشْبَهُ بِصَاحِبِكُمْ مِنْهُ. وأمَّا مُوسَى فَرَجُلٌ آدَمٌ طِوَالٌ جَعْدٌ أقْنَى، كأنَّه مِنْ رِجالِ شُنُوءَةَ. وأمَّا عِيسَى فَرجُلٌ أحْمَرُ بينَ القَصِير والطَّوِيلِ سَبِطُ الشَّعْرِ